الحكومة تتجه لفسخ الشراكة مع الإماراتيين

+ -

من المنتظر أن تفصل الحكومة قريبا في مصير مشروع حديقة “دنيا بارك”، الذي سبق لها وأن اعتمدته في 2006، بتكلفة إجمالية قدّرت آنذاك بـ 5 ملايير دولار.

 القطرة التي أفاضت الكأس، بعد طول انتظار، هي اكتشاف الطرف الجزائري لثغرة في عقد الشراكة ظلت طيلة هذه السنوات محل تحفّظ وصمت من جانب الحكومة تفاديا لمساءلة السلطات العليا في الدولة. ويتعلق الأمر باحتواء العقد على بند يتعلق بإنجاز سكنات ترقوية غير محددة العدد، تعود عائدات بيعها للشريك الإماراتي.ومنذ 2006، والشركة صاحبة المشروع، “الإماراتية الدولية للاستثمار”، تنتظر صدور التراخيص التي تسمح لها بمباشرة الأشغال، متحمّلة أعباء الانتظار، الذي يعني تكبّد خسائر في الوقت ورواتب الموظفين والاستشارات والدراسات وغيرها من التكاليف.وتؤكد مصادر على اطلاع على هذا الملف لـ”الخبر”، أن لدى الحكومة نية لـ”تأميم” أرض مشروع “دنيا بارك”، لكن اكتشاف أخطاء وقع فيها الفريق المفاوض، لدى تحرير عقد الشراكة، دفع بالحكومة إلى التريّث في إصدار القرار في الظرف الحالي، إلى غاية الانتهاء من دراسة تبعاته ماليا وقانونيا.وفي هذا الجانب، تفيد المصادر، أن الشركة الإماراتية استفادت في بادئ الأمر من حق امتياز يسمح لها بالاستثمار في حظيرة الرياح الكبرى، قبل أن تصير أرض المشروع ملكا للشريك الإماراتي لمدة 33 سنة قابلة للتجديد ثلاث مرات، أي لمدة 99 سنة.وظلت الحكومة تغضّ الطرف عن هذا البند، إلى أن جاءت خرجة وزير التهيئة العمرانية والسياحة عبد الوهاب نوري لتسقط الشجرة التي كانت تغطي الغابة، رافضا تحميله مسؤولية أخطاء غيره فيما يتعلق بحظيرة الرياح الكبرى عموما ومشروع “دنيا بارك” خصوصا.وتشير ذات المعلومات أيضا، إلى أن عقد الشراكة بين الطرفين ينص في البنوك المتعلقة بفسخه، على التزام الطرف الجزائري بدفع شرط جزائي (لا يقل عن 1.5 مليار دولار مع نهاية 2015)، أي بمعنى آخر أن الحكومة عندما وافقت على فكرة المشروع من الطرف الإماراتي لم تحسن تقدير مصلحة الجزائر بخصوص هذا الشرط، خاصة أن مصادر أخرى تقول إن الحكومة منحت أرض المشروع مجانا، مع إمكانية تمويله أو جزء منه من طرف البنوك الجزائرية، مثلما كان الحال مع شركة “جازي” عند انطلاقتها.ويرى خبراء بأن مسؤولية هذا الخطأ يقع على عاتق المفاوضين الجزائريين، الذين منحوا امتيازات كبيرة للشريك الإماراتي، دون الأخذ بالحسبان مشكلات قد تعترض المشروع، أو حدوث أزمة مالية تحول دون توفير التمويلات الكافية. ويظهر في هذا الجانب، أن الطرف الجزائري لم يكلّف نفسه عناء قراءة كل صفحات العقد، بل اكتفى بالإطلاع وعلى السريع على الصفحتين الأولى والأخيرة منه فقط !! وما يزيد من بشاعة تقصير المفاوضين الجزائريين، أن الحكومة وافقت على إيداع الشريك الإماراتي تراخيص البناء تخص إنجاز سكنات ترقوية ومستشفى وفنادق ومرافق عمومية لكن من دون التدقيق في التفاصيل، خاصة وأن التحفظ الأكبر لدى الحكومة الذي ظهر فيما بعد هو عدد السكنات التي سيتضمنها مشروع دنيا بارك، والذي يعتبر بيت القصيد في المشروع، إذ تقدّر حصة السكنات بـ 22 ألف وحدة، لاحتضان ما لا يقل عن مائة ألف ساكن.. وهذا يعني تكلفة إضافية تقع مسؤولية دفعها على الخزينة العمومية أعباء معتبرة لتوفير الكهرباء وفتح الطرق وشبكات المياه وباقي الخدمات والمدارس وغيرها.سلال يتدخلعلى إثر هذه المستجدات التي دوّنت طلائعها في العقد، دون أن يعترض عليها أحد من المسؤولين الجزائريين، مما أدى إلى تكبد الشريك الإماراتي هو الآخر أتعابا غير متوقعة، دفعت بالوزير الأول عبد المالك سلال، إلى اقتراح قرار بإلغاء الجزء المتعلق بالسكنات في مشروع “دنيا بارك” كليا والاكتفاء بالمرافق الترفيهية فقط. لكن الذي حدث هو عدم استشارة خبراء قانونيين في الموضوع، وقبل اتخاذ قرار فسخ العقد من طرف واحد.خطوات عمار غوللكن وبعد التدقيق في تفاصيل العقد، أبقت الحكومة النية في إيجاد وسيلة لتقليل التبعات المترتبة عنه، دون الذهاب بعيدا إلى غاية إيجاد تفاهم مع الشريك الإماراتي. وفي انتظار حدوث ذلك، تؤكد ذات المعلومات أن نية فسخ عقد المشروع ما تزال قائمة، وأشارت على ذلك عملية منح قرارات الاستفادة من قطع أرضية في وعاء حظيرة الرياح الكبرى. وهنا تجدر الإشارة إلى أن القطع المعنية بالتوزيع لا تقع على أرض مشروع “دنيا بارك” والتي تبلغ مساحتها 800 هكتار، بل من الوعاء العقاري المتبقي من مساحة 1059 هكتار المسيّرة من طرف الوكالة الوطنية لتسيير حظيرة الرياح الكبرى والبالغ 259 هكتار، والتي يمكن اعتبارها جزائرية مائة بالمائة.وفهم الإماراتيون من هذه الخطوة، أنه يتوجّب عليهم فسخ العقد فورا أو الانطلاق في إنجاز المشروع، الشيء الذي لم يحدث بعد، لأن الطرف الإماراتي ينتظر أن يتم ذلك بطلب رسمي من الحكومة، خاصة وأنهم لا يتحمّلون مسؤولية تعطيل المشروع، وأنهم جاهزون ماليا للشروع في الإنجاز، لكن بعد استيفاء متطلبات منصوص عليها في العقد ودفتر الشروط، وأهمها إصدار رخص البناء.حل وكالة تسيير “الرياح الكبرى”لكن وبعد تفجير القضية، والضجة التي أعقبتها، اغتنم والي العاصمة عبد القادر زوخ، وبموافقة الوزير الأول، الفرصة ليصدر قرارا بحل وكالة تسيير حظيرة الرياح الكبرى وإلحاقها بمصالحه تحت تسمية ديوان حظائر التسلية والترفيه لولاية الجزائر (الذي يسيّر منتزه الصابلات)، لتعود بذلك إلى الوضعية التي كانت عليها قبل أن يحملها معه الشريف رحماني، وهو ينتقل من محافظة الجزائر الكبرى إلى وزارة البيئة والتهيئة العمرانية، ليصبح من اختصاص الوزارة بدل الولاية.وما تجدر الإشارة إليه في هذه القضية، أن المفاوضين الجزائريين ارتكبوا أخطاء فادحة أثناء التفاوض مع الشريك الإماراتي الذي تريد أطراف كثيرة تحميله مسؤولية تأخر تجسيد المشروع، الذي وافق عليه رئيس الجمهورية في 2006 رسميا، هو الموافقة على تمليك قطعة الأرض (وهي ملكية عمومية) للشركة الإماراتية قبل إنجاز المشروع، مما يجعل العقد أعرجا وغير سليم.في انتظار النهايةمنذ 10 سنوات وأنظار سكان العاصمة متّجهة نحو ربوة الرياح الكبرى، ويتساءلون عن سبب عدم انطلاق أشغال إنجاز المشروع، دون أن يأتيه جواب على سؤالهم. لكن وبعد دخول الوزير نوري على الخط، بدأت الرؤية تتكشف، وصارت النهاية أقرب مما كان، وهو ما ينتظره الإماراتيون أنفسهم، حيث لم يتم تبليغهم بأي قرار نهائي حول مصير المشروع ومصيرهم، لا سيما بعد انتقال ملف حظيرة الرياح الكبرى و”دنيا بارك” من وزارة السياحة إلى الوالي زوخ، وما قد يترتب عن ذلك من تبعات.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: