+ -

تستهوي المزلاجات والألواح والدراجات البحرية، وهي تشق سطح البحر الأزرق المتماوج، الكثير من الأطفال والشباب، وتوقظ فيهم شوقا كبيرا لركوبها والتقاط صور معها ولم لا القيام بجولة عليها، لكن تستوقفهم دائما أسئلة قبل الشروع في تنفيذ رغباتهم، ما هي القوانين التي تحكم حركتها فوق المياه؟ وهل لها مسارات أو خريطة خاصة بعيدا عن الأشخاص؟ وهل تستدعي قيادتها رخصة؟ أم أن طوفانها بالسواحل عشوائي وخارج عن الأطر التنظيمية؟ وإذا كان المشرع الجزائري قد ضبط حركتها فهل استجاب أولئك الذين يعرضون خدماتهم ويمارسون نشاط استئجارها؟ ترسانة من القوانين تؤطر هذا النشاط كي توفر السلامة للمواطنين الذين يرتادون الشواطئ خوفا من أن تصدمهم هذه الآليات البحرية التي تسبح على مقربة منهم، فهي تمر بمحاذاتهم وتدور في محيطهم، وسبق في عدة حالات خلال المواسم الصيفية الماضية أن تسببت في مقتل الكثير من الشباب وكذا غرقهم، وفي أحسن الحالات جرحهم، دون الحديث عن الحالات التي يتدخل فيها رجال الحماية المدنية لإنقاذ كل من سوَّلت له نفسه امتطاء تلك المركبات، لكن في آخر المطاف انقلبت المعادلة وانقلبت المركبة على راكبها.لا يشاهد الرائي صوب البحر سوى سطح مائي متماوج أزرق، لا تبدو عليه مسالك خاصة بالمزلاجات والدراجات والآليات البحرية ذات محرك، لكن حين يتعلق بنشاط التنزه في البحر فهناك مسالك افتراضية خاصة يعرفها صاحب تلك الآليات، إذ يجب عليه تبيينها في مخطط بياني يوضح منطقة تحرك آلياته، مع الإرشاد عن موقع المدخل والمناطق الممنوعة والسرعة المرخص بها، وهذا ما لا يراه المصطافون على مستوى الشواطئ الجزائرية ولا يعرفونه.وتخاف العائلات كثيرا على أبنائها من هذه الآليات، كونها لا تعرف القوانين والشروط التي تنظم النشاط، ومنها التي فُجعت في أبنائها، فمنهم من كان يسوق آلية بحرية وارتطم بصخر غير مرئي، ومن قاوم الموج العالي فانقلب، وآخر ارتكب أخطاء فادحة تسببت في غرقه، وآخرون كانوا سابحين في الشواطئ فمرت بالقرب منهم مركبة بحرية فهشمت رؤوسهم عن غير قصد!حيّز التنزهوذكر ب. محمد صاحب مزلاج بحري لـ “الخبر” أنه حينما ينجح أصحاب تلك الآليات البحرية في افتكاك رخصة ممارسة نشاط التنزه في السواحل، يضعون جانبا كل الشروط والقواعد القانونية التي تنظم نشاطهم، ويفرضون على الرمل قوانين أخرى من وحي خيالهم أقرب إلى قانون الغاب، بحيث لا يجدون مانعا في الدنو من المصطافين الذي يسبحون في الشواطئ، غير آبهين بمسافة الأمان المحددة بـ100 متر على الأقل من المنطقة المخصصة للسباحة، ليستعرضوا قدراتهم ومهاراتهم في القيادة وكذا لمضايقة الفتيات، وهو ما يكون عادة السبب الرئيس في اصطدامهم بالناس. وبشأن الإجراءات الإدارية، قال محدثنا “نتقدم في البداية أمام مصالح حرس السواحل المنضوين تحت مؤسسة الجيش الوطني لاستلام رخصة ممارسة النشاط، وخلالها يمطرنا المسؤولون بوابل من الشروط والتعليمات والقواعد لممارسة نشاط التنزه في البحر، فبالإضافة إلى الملف والتحقيق الإداريين، يجب علينا تأمين المركبة، فيُضبط مبلغ التأمين حسب قوة المحرك، ولا يتجاوز في الغالب 6 آلاف دينار، مع التأكد من مدى سلامة المركبة وحالتها التقنية. وعلى الشاطئ، يواصل محدثنا، “يتعين علينا احترام مداخل خاصة للولوج إلى الماء توفرها وتعينها الهيئات المختصة، وتكون في العادة بعيدة عن المصطافين، ويشترط أثناء استعمالها التحلي بالهدوء والرويّة وأخذ الاحتياطات اللازمة، لكن ما نشاهده في الواقع يعاكس تلك القوانين والقواعد، فهذا يدخل المياه من أي مكان، وآخر يقترب كثيرا من الساحل، غير مكترثين بالناس وبرجال الحماية”.كما يجب على مستعمل تلك الآليات ألا يبتعد أكثر من ميلين بالنسبة للآلية التي يجلس فيها السائق منفرج الساقين، أما فيما يخص تلك التي تتم قيادتها بالحفظ على التوازن الحركي فقط فلا يتجاوز صاحبها ميلا واحدا، حسب المادة 53 من المرسوم 16-203 المحدد لشروط ممارسة نشاطات النزهة البحرية، (علما أن الميل يساوي حسب التقدير الدولي نحو 1853 متر).قانون آخر على الرملقنّنت السلطات بالولايات الساحلية نشاط استعمال المركبات السياحية على مستوى الشواطئ، راسمة للسائقين والسياح حيزا وخريطة مائية لا يمكن تجاوز معالمها خلال تجوالهم في البحر بالقرب من المصطافين، وهي محاولة للجم الكثير من الأشخاص المتهورين الذين يشكلون خطرا على الأرواح لا يقل عن ذلك الذي يحدق بهم في الطرقات البرية.كل من يمتطي مزلاجة بحرية “جات سكي” أو دراجة نارية بحرية أو لوحات بحرية ذات محرك، ويشق بها عباب البحر متجولا بالقرب من الساحل، فهو بصدد ممارسة نشاط يسمى بلغة القانون التنزه في البحر بآلية بحرية مجهزة بنظام دفع، ويمكن أن يقودها شخص وهو في وضعية جلوس أو وقوف أو ركوع، وفق المرسوم التنفيذي رقم 16-203 المؤرخ في جويلية 2016 المحدد لشروط ممارسة نشاطات النقل البحري الحضري والنزهة البحرية.وعلى سائق تلك الآليات البحرية أن يكون حائزا على رخصة أو وثيقة تسمح له بقيادة سفن النزهة والتجول بالقرب من الشواطئ، سواء أكان مالكا لها أو مستأجرا، غير أن الواقع في الكثير من الشواطئ يكاد يكون العكس، فكل شخص يبدي رغبة في استئجار المزلاجات والدراجات البحرية ويقترب ممن يعرضون خدمات الجولان بتلك المراكب مقابل مبلغ مالي، لا يأبه ولا يكلف نفسه عناء توفير تلك الرخصة، بل يذهب بلباس البحر ويشرع في القيادة مباشرة، وهنا تحدث ب. محمد صاحب آلية بحرية ذات محرك لـ “الخبر” “معظم الذين يمارسون هذا النشاط لا يلتزمون باستصدار رخصة قيادة، ناهيك عن الزبائن الذين يستأجرون تلك الآليات البحرية، فهم بالتأكيد لا يمتلكونها، ورغم ذلك تشاهدهم يتجولون بها ويغامرون بحياتهم ويشكلون بذلك خطرا على الناس.مسالك افتراضيةوكلما رغب شخص في ممارسة نشاط التنزه في البحر بالمزلاجات واللوحات البحرية، تعين عليه تحديد مسالك السير والتنقل وأماكن الإركاب والإنزال على مستوى الشواطئ، مصادَقا عليه من طرف مصالح الوزير المكلف بالبحرية التجارية، بعد أن يقوم بإيداع ملف يتضمن اقتراح منطقة ممارسة النشاط، وثيقة تثبت منح امتياز مكان إقامة المحل المراد ممارسة النشاط فيه، نسخة من بطاقات سير الآليات البحرية ذات محرك سارية المفعول، مرفقة بشهادة التأمين.أما إذا رغبت في القيام بجولة على متن مزلاج أو لوح بحري ذي محرك تتكفل أنت بقيادتها، فلغة القانون تقول “في حال تم تقديم خدمة إيجار الآلية البحرية دون سائق، يتعين إبرام تصريح استئجار يوقعه الطرفان حسب النموذج الملحق بدفتر الشروط في هذا المرسوم”. وإن تم مع السائق “فإن التصريح يكون مبرما بين الزبون والسائق ووفق دفتر الشروط كذلك”. وهذه الإملاءات وردت في المادة 50 و51 من المرسوم ذاته.ما يجب أن يكونوالراغب في ممارسة هذه النشاطات خلال الموسم الاصطياف يكون مرتبطا بالمادة 2 من المرسوم السابق ذكره، والتي توجب عليه استخراج رخصة من المصالح المختصة التابعة للوزير المكلف بالبحرية التجارية، تكون صالحة لمدة 5 سنوات قابلة للتجديد، وتوافق عليها اللجنة المختصة إقليميا، ويكتتب كذلك دفتر شروط، كما يخضع لتحقيق إداري من طرف مصالح الأمن، وترمي هذه الإجراءات إلى تحقيق سلامة المصطافين وتأمينهم من الأشخاص المتهورين، فهل استجاب هؤلاء الذي يعرضون خدماتهم على الشواطئ المترامية بالساحل الجزائري لهذه الشروط؟ وهل اطَّلعوا أصلا على مضامين القوانين الجديدة التي تم تشريعها حديثا؟ يتساءل الكثير من المواطنين.ما فرضه القانون على أولئك جميل، وأجمل منه لو كان مطبقا في الواقع بحذافيره، فقد فرض على كل شخص يتنزه في البحر، راكبا على ظهر آلية ذات محرك، أن تكون مركبته جديدة لا يقل عمرها عن 5 سنوات أو تكون في حالة جيدة تؤكدها عملية تفتيش تقوم به الإدارة المحلية، ويحوزها بوثيقة ملكية أو وسيلة أخرى كقرض إيجار أو وثيقة استئجار. كما تُملي عليهم النصوص القانونية اقتراح منطقة ممارسة النشاط، وهو ملزم أيضا بتعليق لوحة مرئية بها مخطط بياني يوضح المنطقة التي تتحرك فيها الآلية وموقع المدخل والمناطق الممنوعة والسرعة المرخص بها.سحب الرخصةولم تُغفل القوانين الجانب العقابي، فكل من لم يف بالتزاماته دون مبرر مقبول في أجل أقصاه 6 أشهر من استلام الرخصة، يتم إعذاره من طرف الوزير المكلف بالبحرية التجارية للبدء في نشاطه في أجل لا يتجاوز شهرا، وإذا لم يمتثل لأوامر الوزير في هذا الأجل، يصدر هذا الأخير قرار بإلغاء رخصة الاستغلال المتعلقة بالنشاط.المكلف بالاتصال بالمديرية العامة للحماية المدنية لـ “الخبر” “أغلب الإصابات في البحر سببها جات سكي”أحصت المديرية العامة للحماية المدنية إصابة نحو 29 مصطافا بصدمة زوارق بحرية أغلبها مزلاجات بحرية “جات سكي”، فيما تم تسجيل حالة وفاة واحدة بتيبازة، منذ بداية موسم الاصطياف.وقال الملازم بناوي نسيم المكلف بالإعلام على مستوى المديرية في اتصال بـ “الخبر” أول أمس، إن الإصابات موزعة عبر عدة ولايات، حيث شهدت ولاية جيجل 7 إصابات وبجاية 4 وعنابة 2 والعاصمة 5 وتيبازة 6 ووهران 4.وبشأن كيفية التعامل مع الآليات البحرية، أفاد المتحدث بأن رجال الحماية على مستوى السواحل يتكفلون بعدم اقتراب سائقي المزلاجات والدراجات البحرية من الشواطئ، إذ يجب البقاء بعيدا بأكثر من 200 متر، مشيرا إلى ضرورة الالتزام بالمداخل والمخارج المحددة على مستوى الشواطئ.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات