+ -

شيء غريب هذا الذي يحدث في الجزائر! الحكومة استسلمت للفساد والرداءة وأصبحت عرّابة هذه الظواهر؟ الوزراء يتراشقون فيما بينهم بملفات الفساد والتقصير.. والتضامن الحكومي أصبح في خبر كان... وحتى التحكيم الرئاسي لم يعد له وجود في فض هذه الخلافات بين الوزراء... أما الوزير الأول فلا وجود لوجوده، خاصة بعد الإشاعات القوية المتعلقة برحيله. وأصبح حال البلاد لا يعاني من غياب الرئيس، بل يعاني أيضا من غياب الحكومة كلية!حتى البرلمان أصبح رئيسه يصلح لأن يمثل الرئيس في ندوة عدم الانحياز الميتة في كركاس، أفضل من الاهتمام بسير الأمور في البرلمان!أحزاب المعارضة هي الأخرى دخلت في حسابات المشاركة في التشريعيات القادمة... وراح قادتها الأكثر شراسة في المعارضة يدخلون مرحلة البيات الشتوي أملا في الحصول على “الكوطا” المطلوبة في الانتخابات القادمة، ولهذا لم يعد هناك أي صوت يسمع حتى ولو كان خافتا يتعرض لنقائص الأداء الحكومي الصارخ هذه الأيام.أحزاب الموالاة هي الأخرى تعرف حركة زلزالية قوية تسببت فيها عملية الإعداد لقوائم المرشحين في هذه الأحزاب.. فباتت الحرب التمهيدية على مستوى قواعد وقيادات هذه الأحزاب تنطق بالنضال الانتهازي الصارخ. وتم السكوت حتى عما تسميه هذه الأحزاب بالنقد التأييدي لأداء الحكومة وأداء البرلمان وأداء الرئيس.مجموعة “لمشامشية” المحيطة بالرئيس والمتواجدة في الحكومة والبرلمان هي الآن حائرة... هل فعلا ستجرى الانتخابات التشريعية بنفس الصيغ التي تمت بها من قبل... ويكون للمؤسسة العسكرية الدور الأكبر في تحديد من يفوز بهذه الانتخابات، أم أن الجيش سيكون الغائب الأكبر في التأثير في توزيع “كوطات” هذه الانتخابات على الأحزاب هذه المرة؟!وإذا حدث وجرت الانتخابات خارج تأثير الجيش في نتائجها... هل يبقى للجيش الدور المعهود في تحديد ملامح الرئيس القادم للجزائر؟! خاصة وأن نتائج التشريعيات ستحدد إلى حد كبير ملامح الرئيس القادم إذا انسحب الجيش من عملية التأثير في الانتخابات، كما جرت العادة. فهل يغامر الجيش بما لم يفرط فيه طوال 60 سنة... أم أنه سيحسم في الوقت المناسب. الجيش بالتأكيد هو القاعدة الاجتماعية الانتخابية لحزبي الأرندي والأفالان، وهو القوة الانتخابية الأولى التي يفوز الحزبان بتأييدها لهما. فإذا انسحب الجيش من العملية الانتخابية لفائدة هذين الحزبين، تعرى الحزبان انتخابيا وسقطت الواجهة المدنية للحكم.. والرئيس بوتفليقة يعرف هذا جيدا ولا يمكن أن يغامر بانتخابات خارج التأثير بالمؤسسة العسكرية. ومن هنا يجري الآن البحث عن تغييرات داخل الحكومة وأحزاب السلطة لأجل البحث عن حالة من الانسجام بين الرئاسة والحكومة والأحزاب، تسمح بإجراء انتخابات مراقبة كما يجب بمؤسسات منسجمة، رئاسة وجيشا وأحزابا وحكومة... والحالة التي عليها الآن هذه المؤسسات لا تسمح بالانسجام، خاصة وأن الصراع حول مرحلة ما بعد بوتفليقة قد بلغ مداه، ولم يعد يسمح بانتخابات هادئة ومنسجمة، وبات شبح المرحلة الانتقالية أكثر أمانا لاستمرارية الحكم.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات