"عدِّدوا في المقابر موتانا بسبب أمراض السرطان والتنفس"

+ -

 عبد الرحيم عدّون ناشط بيئي وحقوقي يجمع بين الكتابة والتأليف وبين النشاط التحسيسي بالمخاطر التي تهدد البيئة، مهتم بالملف إلى درجة الهوس، كان الرئيس السابق لجمعية حماية المحيط والبيئة لمدينة الغزوات. التقته “الخبر” بعد موعد بساحة فندق “زيري” المطل على البحر، وكان ضيفنا محمّلا بالصور والوثائق التي تثبت “النضال” والنشاط في مجال حماية البيئة بالمدينة.ومن بين الوثائق التي أطلعنا عليها، تقرير لمنظمة حقوقية دولية تنشط في مجال البيئة “مبادرة شرطة المتوسط”، والتي قامت بتحقيق علمي ميداني بالمصنع مطلع الألفية، وخلصت إلى نتيجة مفادها أن الأضرار البيئية الناجمة عن الغازات المنبعثة من المصنع تمتد إلى مساحة قطرها 30 كلم، ويتسبب ذلك في تلويث الهواء بغازات حمض الكبريت بانبعاثات تتجاوز النسبة المسموح بها دوليا، حسب الدراسة التي أطلعَ عليها “الخبر”.وجاء في الدراسة أيضا أن “قدم تجهيزات وآليات المصنع يتسبب في نزاع مفتوح بين إدارة الشركة وسكان المدينة، بسبب تأثير الغازات على صحة الإنسان وعلى المحيط من بحر وحيوان ونبات. “الخبر” سألت عبد الرحيم عدّون “كيف يمكن تأكيد العلاقة بين ارتفاع نسبة الوفيات بأمراض السرطان والتنفس من سكان المدينة وبين الغازات المنبعثة من المصنع؟”، فأجاب بطريقة فيها مزيج من الحسرة والتهكّم “اذهبوا إلى المقبرة وعدّوا موتانا”، مضيفا “المصنع أقيم على أنقاض ميناء للصيد والنزهة كان تحفة وجوهرة للمنطقة كلها، وكان يشتغل في قطاع صيد السردينيات و “الأنشوا” والتعليب والمهن ذات الصلة، قرابة 50 مهنيا اندثروا جميعهم بسبب انقراض الثروة السمكية التي كانت بساحل الغزوات، فحمض الكبريت المتسرّب من بقايا النفايات الصلبة بسبب انجراف التربة من محيط المصنع قضى على هذه الثروة وهجّرها. أمّا على مستوى تلويث الهواء فحدّث ولا حرج، فزيادةً على الغازات المنبعثة من مدخنة المصنع، هناك النفايات الصلبة التي تُرمى بالمفرغة العمومية بمنطقة “أدّاس” قريبا من ساحل الغزوات، حيث تم بناء مشاريع للسكن الاجتماعي، وحين تتحرك التيارات الهوائية والرياح يتنفس سكان الغزوات هذه السموم، فكثرت أمراض التنفس ومختلف أنواع السرطان وترهُّل العظام وتساقط الأسنان، ليفتح قوسا هنا “كل العمّال في ورشة التحليل الكهربائي للزنك، تساقطت أسنانهم ويضعون طواقم طبية”، إضافة إلى أمراض العيون، “فطبيبة بولندية كانت تشتغل في مستشفى الغزوات بداية الثمانينيات كانت تقول لنا إن كل سكان الغزوات سيضعون نظرات طبية بعد 40 سنة”، وهنا قاطعته “الخبر” “وماذا فعلتم كمجتمع مدني للتحسيس بخطورة الوضع ومحاولة إصلاح ما يمكن إصلاحه؟”، فأجاب “في سنة 2006 رفعنا دعوى قضائية ضد والي تلمسان لتوقيف مشروع مصنع إنتاج وتخزين الزفت داخل ميناء الغزوات، وبعد 10 سنوات لا تزال القضية في أدراج القضاء الإداري، بينما المستثمر الخاص صاحب المشروع رُخّص له من طرف الولاية وشرع في العمل. ماذا يمكن أن نفعل أكثر من هذا؟ ناضلنا لترحيل كميات كبيرة من مادة الفانديوم ظلّت مخزّنة في مكان بحي صالح لمدّة 10 سنوات معرّضة لأشعة الشمس والأمطار، وثبت علميا أنها مادة سامّة، تتسبّب في ظاهرة العقم، ويمكنكم التحقيق في عدد المصابين بالعقم على مستوى منطقة الغزوات ونواحيها”.ويضيف محدثنا “القضية تحتاج إلى شجاعة كبيرة وإرادة سياسية من قبل السلطات العمومية للحفاظ على سلامة المدينة وسكانها، وعلى رزق 500 عامل في مصنع الزنك. المصنع الذي تحوّل إلى خردة بفعل تآكل وقدم التجهيزات بعد 40 سنة من توريد المواد من شركة قلان أور التي يملكها اليهودي مارك ريش” والذي ظل يقوم بشراء الزنك الجزائري بعد تحويله في مصنع الغزوات، ليربح هو ودول أوروبا وأمريكا مادة معدنية نقيّة مجهّزة للصنيع، ويترك لنا هنا الغازات والسموم المعدنية” ختم محدثنا.   

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: