الرئيس.. والحكومة وشلل المبادرات؟!

+ -

لم تكتف السلطة الحالية بتكريس غياب الرئيس فقط، بل تعدت ذلك إلى تجميد عمل المؤسسات الحيوية في البلاد مثل مجلس الوزراء، المؤسسة الدستورية الأولى في البلاد، حسب نص الدستور... والذي أصبح “لا يجتمع إلا نادرا.! وإذا اجتمع لا يناقش القضايا الحساسة للأمة، بل يناقش فقط القضايا الثانوية كتعيين بعض المسؤولين وإزاحة بعضهم الآخر، إلى جانب الاهتمام حتى بموضوع “الشوافرة” وعاملات النظافة في الإقامات الرئاسية والحكومية.مؤسسات البلاد الدستورية خطت خطوة أخرى نحو الرداءة والفساد، فظهر ما يمكن أن يطلق عليه خلافات السلطة مع السلطة حول قضايا السرقة والفساد، فأصبح الوزراء يتراشقون بالتصريحات، بعضهم يسمي الفساد خطأ تم إصلاحه.. وبعضهم يسميه خروجا عن واجب التحفظ، وبعضهم الآخر يرى في الفساد مسألة عادية في بلد يسكب فيه العسل بالبراميل.. فلماذا لا يلحس المسؤولون أصابعهم!الظاهرة الجديدة هي أن الرئيس أصبح غير قادر حتى على إحداث تغيير في الحكومة أو تبديل الوزراء، لأن مراكز القوة أصبحت من القوة بمكان تجاوزت موضوع مراكز القوة التقليدية إلى قوى جديدة، فيها شكاير المال الفاسد والمنافع المرتبطة بالمناصب هي التي تتحكم في قرارات الرئيس، زيادة على مراكز القوة التقليدية المتعلقة برأي المؤسسة العسكرية في ما قد يقدم عليه الرئيس من تعديل أو تبديل للحكومة!الجهوية والمال الفاسد والزبائنية تحكمت في مفاصل الدولة إلى درجة أنها أصبحت ترهن أي قرار للرئيس أو غير الرئيس يمس مسألة الجهوية والزبائنية ومصالح المال الفاسد.كل قنوات العمل الحزبي أو الحكومي الإداري، وكل قيم الكفاءة والنزاهة في تعيين المسؤولين أصبحت معطلة وحلت محلها بصفة فاضحة قيم الجهوية والزبائنية والمال الفاسد. ولهذا ظهرت الصعوبات في تحكم الرئيس والرئاسة في تسيير الأمور.. وظهرت هذه الخلافات المؤسفة في دواليب السلطة، سواء داخل الجهاز التنفيذي كصراع الأمني مع العسكري مع الإداري حول النفوذ في تعيين وإقالة المسؤولين، أو في تعطيل العمل الحزبي والنضالي على مستوى الأحزاب الحاكمة وغير الحاكمة.الرئيس بالفعل يجني الآن الصعوبات التي زرعها داخل المؤسسات الدستورية للدولة، حين قام بإلغاء كل المؤسسات وتحويل صلاحياتها إلى شخصه وحده، فأدى الأمر إلى تعطل كل شيء بما في ذلك قدرة الرئيس على اتخاذ قرارات عزل أو تعيين الوزراء والمسؤولين.. فأصبحنا نرى ذلك التلكؤ في تغيير المسؤولين والوزراء رغم انتهاء صلاحية عملهم... والسبب هو صعوبة إيجاد نقاط التوافق والالتقاء حول التغيير أو التعيين يضمن مصالح الجهوية والفئوية الزبائنية ومصالح الفساد. فأصبحت قرارات الرئيس نفسه رهينة بقوى الضغط هذه..

[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات