الكيان الصهيوني يقطع على الجزائر طريق الأوسكار!

+ -

فاجأ الكيانُ الصهيوني السينما العالمية باختياره فيلم ”عاصفة رملية” الناطق باللغة العربية للمخرجة الإسرائلية إيليت زيغزار، وهي المرة الأولى التي يكون فيها فيلم ”عربي” ممثلا لإسرائيل في مسابقة الأوسكار لأحسن فيلم أجنبي. هذا الاختيار الذي أعلنت عنه إسرائيل رسميا يطرح عدة أسئلة تحرج المشاركة العربية والجزائرية في حال وصول الفيلم إلى القائمة القصيرة، ويفتح باب النقاش مجددا حول مفهوم ”التطبيع”.اللافت للانتباه في مشاركة الكيان الصهيوني هذه السنة، ضمن قائمة أفضل فيلم ناطق بلغة غير الإنجليزية، يأتي من خلال فيلم ناطق باللغة العربية وبمشاركة ممثلين عرب وفلسطينيين، ولكن المخرجة وجهة الإنتاج دفعت نحو أن يأخذ الفيلم الجنسية الإسرائيلية، ما يطرح الكثير من الأسئلة حول واقع السينما الفلسطينية، وأيضا مدى قدرة المشاركة العربية والجزائرية تحديدا على المقاومة أمام هذا الاختبار الصعب ذي الأبعاد السياسية.وما يجعل من فيلم ”عاصفة رملية” الأقرب للوصول إلى القائمة القصيرة، فوزه مؤخرا بالجائزة الكبرى للجنة التحكيم في مهرجان ”صندانس” السينمائي في قسم الدراما العالمية، ويُعتبر هذا المهرجان ”باروميتر” القوائم النهائية للأوسكار، بالإضافة إلى أن الفيلم المرشح من طرف الكيان الصهيوني فاز بـ6 من جوائز ”أوفير” السينمائية التي تعتبر أرفع جوائز سينمائية في إسرائيل. في العادة كانت مشاركة الفلسطينيين من عرب 48 تحت العلم الفلسطيني، وهناك عدة تجارب سينمائية ناجحة منها فيلم ”عطش” لتوفيق أبو وائل، ولكن في هذا الفيلم ”عاصفة رملية” تبدو المعادلة مختلة ومعقدة، فرغم أن الفيلم جاء باللغة العربية وبمشاركة ممثلين فلسطينيين، فإن المخرجة أخذت حيز الأسد وقادت الفيلم نحو تمثيل إسرائيل رسميا في الأوسكار، ما يعتبر حجرة عثر أمام المشاركات العربية، خصوصا الجزائرية التي تعتبر التطبيع الثقافي بأي شكل من الأشكال خطا أحمر، فهل جاء الفيلم الجديد ليئد أحلام المخرج لطفي بوشوشي في مهدها؟أما مضمون الفيلم وقصته فمختلف، فهو يعود إلى حكاية اجتماعية لامرأة فلسطينية من بدو عرب 48، يشارك فيه عدة ممثلين فلسطينيين مشهورين، معروفين بمواقفهم المدافعة عن القضية الفلسطينية، ما يجعل الفيلم مثيرا للجدل على جميع المقاييس. وهو ما يفسر حالة الغضب لدى وزيرة الثقافة الإسرائيلية ميري ريغيف خلال حفل توزيع جوائز الإنتاج السينمائي في جنوب إسرائيل، والذي حاز فيه الفيلم الجوائز الستة، حيث غادرت الوزيرة القاعة بعدما أدى مغني ”الراب” العربي تامر نفار أغنية من كلمات للشاعر الفلسطيني محمود درويش ”سجل أنا عربي”، تماشيا مع مضمون الفيلم.في هذا المناخ، بات من الصعب جدا الحديث عن حظوظ المشاركة الجزائرية في الوصول إلى أوسكار جديد، بعد الأولى التي حازت عليها عام 1970 عن فيلم ”زاد” للمخرج كوستا غارفراس، فطريق ”البئر” كما يبدو غير معبَّد، ولم يعد الجدل بخصوص المستوى الفني للفيلم ولا عن الشروط الصارمة التي تضعها أكاديمية الأوسكار من أجل الوصول إلى القائمة القصيرة التي تضم 5 أفلام، وحدها ما يعترض طريق المشاركة الجزائرية، فالوصول إلى القائمة القصيرة، إن كتب للفيلم الجزائري، قد يفسره البعض بأنه ”تطبيع” من نوع خاص، حيث يكون الاعتراف بالكيان الصيهوني كخصم أحد ملامح القائمة القصيرة لأفضل فيلم ناطق بغير اللغة الإنجليزية.وسبق للقائمة القصيرة لهذه الجائزة أن لعبت دورا هاما في تسليط الضوء على مفهوم ”التطبيع”، فقد جعلت من الجمهورية الإسلامية الإيرانية عام 2012 بفيلم ”انفصال” للمخرج الكبير أصغر فرهادي، تقف في تنافس مع فيلم ”فوت نوت” الإسرائيلي للمخرج جوزاف كادار، وهي المرة الأولى التي تجد فيها دولة إسلامية نفسها أمام هذا الاختبار الكبير، ولكن المنافسة حسمت أمرها حينها لصالح المشاركة الإيرانية، لتهدأ بصعوبة زوبعة الجدل الذي حام حول المخرج الإيراني. تاريخ إسرائيل في الوصول إلى القائمة القصيرة لجائزة أفضل فيلم بلغة أجنبية يعتبر حافلا مقارنة بحظوظ الدول العربية، فالسينما الإسرائيلية وصلت 7 مرات إلى تلك القائمة منذ سنة 1965 مع فيلم ”صلاح شباطي” للمخرج الإسرائيلي إيفرايم كيسون، ومنذ ذلك التاريخ كانت المشاركة الإسرائيلية تثير الجدل رغم أنها لم تتوج بالأوسكار ولا مرة.لكن لحسن حظ المخرج الجزائري رشيد بوشارب الذي يُعتبر العربي الأكثر وصولا إلى القائمة القصيرة، هو أنه لم يقع في خانة هذا الاختبار، إذ لم تقف أي من الأفلام الجزائرية الثلاثة التي وصلت إلى القائمة القصيرة ”بلديون”، ”الخارجون عن القانون”، ”غبار الحياة”، في مواجهة مع فيلم إسرائيلي، نفس الشيء بالنسبة لفيلم ”لابال” للمخرج الإيطالي إيتور سكولا الذي مثل الجزائر في الأوسكار عام 1984، والمخرج الفرنسي كوستا غافراس الذي حاز عليها باسم الجزائر عام 1970 عن فيلم ”زاد”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات