بين الحقيقة والمغالطة

+ -

الزميل المحترم سعد بوعقبة تحياتيمرة أخرى أستسمحك لاستعمال مساحة عمودك والسطو عليها واستعمالها من أجل مناقشة بعض ما كتب في مقالات كثيرة وفي مقالك أنت المنشورة هذا الأسبوع. وأتمنى أن يتسع صدرك كالعادة لما أكتبه بخصوص تحميلك وبعض الزملاء السعودية مسؤولية تدهور أسعار البترول، وأنها هي من تريد تجويع الشعب الجزائري كما كتب البعض. صراحة لا أفهم هذا المنطق في الاقتصاد، ربما يمكن انتقاد السعودية في مجالات أخرى مثل تيارها الديني الوهابي، وهذا ما يفعله الكثيرون وحتى كتاب وصحفيون سعوديون أنفسهم. لم أفهم على أي أساس يتم تحميل السعودية مسؤولية تردي الوضع الاقتصادي في الجزائر، هل حكومة سلال هي سعودية وهل نصبها الملك سلمان بن عبد العزيز، وهل هو من يدير دفة الحكم في البلد عندنا. وإذا سلمنا جدلا، لتسهيل الفهم، بأن السعودية مسؤولة وتستحق الشتم، فقبل أن نذمها ونشتمها يجب أن نشكرها ونجازيها على ما فعلته سابقا وأوصلت البترول إلى 120 دولار للبرميل وأكسبت الجزائر 1000 مليار دولار. هل دخلت هذه الأموال في الخزينة السعودية ونهبت وبذرت، أم أن هذه الأموال الضخمة تم صبها في صناديق الخزينة الجزائرية وتصرف فيها جزائريون؟ فلماذا لا نقول شكرا للسعودية إذن على ما جلبته للجزائر من الخيرات التي تمتع بها الشعب الجزائري، بل حكامه، أم الحقيقة هي عكس ذلك تماما؟ وأنا أعتقد ذلك، لأن سوق النفط تغيرت على الجميع، على السعودية وعلى روسيا وعلى المنتجين الصغار والكبار، منذ أن تفشت الأزمة الاقتصادية التي قال عنها ذات يوم سلال بأن الأزمة لن تمس الجزائر، خاصة منذ أن أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية منتجا ومصدرا للبترول الصخري الذي قلب كل موازين السوق ونزلت الأسعار إلى الحضيض، وأول دولة عانت رغم إنتاجها الغزير هي فنزويلا، وأكل بعض مواطنيها جوعا حيوانات الحديقة الرسمية لانعدام الغذاء..ولا أفهم شخصيا لماذا الاستمرار في تحميل مسؤولية مشاكلنا لغيرنا، هل السعودية هي التي أفشلت مشروع ديزرتيك الذي كان أعظم مشروع، نددت به السيدة لويزة حنون والسعيد سعدي. ولم أفهم لماذا، مشروع يمكن الجزائر من إمداد أوروبا بالكهرباء وتستعملها هي أيضا باكتفاء ذاتي شامل، يؤمن لها مستقبلا زاهرا، فهي تستفيد من بيع الكهرباء ومن استعمالها بأسعار معقولة. من أفشل مشاريع الصناعة الوطنية؟ من أفشل مشروع فاتيا لإنتاج السيارات منذ ثلاثين سنة من؟ من؟ من أفشل تقدم هذا البلد الذي يملك من المقومات والقدرات ما لا تملكه لا السعودية ولا غيرها؟إن تحميل الغير مسؤولية مشاكلنا هو أيضا صناعة محلية لهذا النظام الذي يعمل، ليل نهار، لتوجيه أنظار الناس باتجاه معاكس للحقيقة. الولايات المتحدة الأمريكية لا تريد أن يرتفع سعر النفط، ليس كرها في أحد بل إنها صرفت المليارات لدعم صناعتها ومنعها من الانهيار، ومازال الوضع الاقتصادي الأمريكي لم يتعاف بعد بصفة نهائية، وبالتالي أي ارتفاع في مواد الطاقة سيرهن كل هذا المجهود. ولا أعتقد أن أمريكا تترك شعبها يغرق في الأزمة من أجل رخاء شعب آخر لم يحسن قادته التصرف في أمواله المنهوبة والمسروقة بلا رحمة ولا شفقة ولا خوف لا من الله ولا من العباد.من بروكسل، لخضر فراط، صحفي - معتمد لدى الاتحاد الأوروبي وحلف الأطلسي

 

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات