+ -

ما قاله سعداني في ندوته الصحفية هو إحراج للرئيس، وإحراج للعدالة، وإحراج للأفالان بالدرجة الأولى، والهدف خلق قلاقل للذهاب إلى المادة 202 من الدستور.1- الرئيس محرَج لأنه يرأس حزبا على رأسه في الأمانة العامة متهوِّر يحمل عصا ويضرب رؤوس الجميع، بمن فيهم رأس الرئيس بوتفليقة نفسه.! هل سلِمت رأس بوتفليقة من عصا سعداني وهو يصف الجنرال توفيق بأنه زعيم حرب فرنسا وعرّابه؟ وتوفيق هو الذي يقال إنه صانع الرؤساء، وهو الذي كان وراء فوز بوتفليقة بالعهدة الثانية. فهل بوتفليقة أيضا من جماعة توفيق الذين تحدث عنهم سعداني بهذه الصورة؟ ثم كيف يكون بوتفليقة سالما من قصف سعداني وهو الذي حكم المخابرات بتوفيق 15 سنة، وهو الذي عيّن بلخادم على رأس الأفالان وعلى رأس الحكومة وممثلا شخصيا له في المحافل الدولية وهو من “عائلة خائنة” وعلى علاقة بحزب فرنسا؟ أليس هذا قصفا أيضا لبوتفليقة؟2- إحراج العدالة أيضا مسألة واضحة.. هل باستطاعة الطيب لوح أن يساير من يرفع دعوى قضائية على سعداني بتهمة القذف وهو الذي يدعم وزير العدل الأفالاني للبقاء في منصبه؟ وهل باستطاعة الرئيس أن يسمح بأن يُحوَّل الأمين العام لحزبه إلى العدالة؟ وإذا لم يحدث ذلك، فأي عدالة بقيت وأي سلطة بقيت؟3- الرئيس بوتفليقة هو المستهدف بالقصف المركّز، وليس العشوائي، الذي أطلقه سعداني على رأس الرئيس مباشرة. سعداني أوضح في تصريحاته أنه هو والأفالان ومن يقف وراءهما هما من يصنع مصير الانتخابات القادمة التشريعية، وأن الرئيس لن يكون له أي دور، وكل ما هناك أنه يبقى واجهة في الرئاسة حتى يعين سعداني وصحبُه الرئيسَ القادم، بعد أن يتم تعيين النواب في البرلمان. وأصبح واضحا أن سعداني ملأ يده وعقله وأصبح يتحدى الرئاسة صراحة.4- قد يكون سعداني ومن يقف وراءه قد حسموا أمرهم وقرروا الذهاب إلى ترتيب مرحلة ما بعد بوتفليقة ببوتفليقة نفسه كواجهة.. وقرروا إجراء انتخابات تشريعية بحملة انتخابية يكون موضوعها المتساقطين من المؤسسة العسكرية، وعلى رأسهم “التوفيق” نفسه، وبعد ذلك سيكون الرئيس بوتفليقة نفسه هو الموضوع في الحملة الانتخابية للرئاسيات، تماما مثلما يكون توفيق كبش فداء للتشريعيات القادمة.5- بوتفليقة بالتأكيد ليس هو من صفَّر للوزراء الذين حضروا خطاب سعداني وهو يزأر على توفيق، بل الذين أعطوا “البندير” لسعداني هم من صفر إلى هؤلاء الوزراء لمعاضدة سعداني بالحضور، وفي ذلك دلالة على أن مصدر القرار فيما يخص الحكومة وتغييرها لم يعد بيد الرئيس كلية الآن.. وقد يكون الرئيس أظهر ضعفا في اتخاذ قرارات معاكسة لخصومه التقليديين! وهذا ما شجع سعداني على التمادي في الإساءة للرئيس وهو يمدحه بذكاء يحمل الغباوة الظاهرة.6- تصريحات سعداني فيها ذاتية طاغية، فالتركيز على الجنرال توفيق من طرف سعداني سببه أن التوفيق هو من يعرف بالتدقيق “مصارن” سعداني، ولا يستطيع الحديث لأنه “كُتِّفَ” بقانون واجب التحفظ.! وركز سعداني على نكاز لأنه اعتصم أمام شقة سعداني في باريس، وهاجم عائلة بلخادم لأنه طرح نفسه بديلا جاهزا لسعداني في هذا الظرف الصعب.7- الشيء المضحك في كلام سعداني أنه قال: إن توفيق وبلخادم من زعماء حزب فرنسا، فقد يكون الأمر كذلك لأن سعداني أصبح يقيم في فرنسا ثلاثة أرباع وقته ويقود الأفالان من هناك، والسبب أن فرنسا لم تعد عدوة الأفالان السعدانية، وتعبير الحركى لم يعد شبهة سياسية بل ترقية سياسية لا يحظى بها سوى أصحاب الجاه والنفوذ والمال والسلطة.!8- الشيء المؤسف في الحياة السياسية الآن هو أن الرئيس أوصل البلاد إلى هذه الوضعية التي أصبح فيها أمثال سعداني وسلال يقنعون المؤسسة العسكرية بأن في استطاعتهم إنجاز البديل لنظام بوتفليقة بانتخابات متحكم فيها. فالبلاد فعلا تتجه للمجهول إذا سارت الأمور وفق ما رسمه سعداني ومن معه.. وقد تكون الأوضاع أسوأ من عشرية الدم هذه المرة لا سامح الله.. فهل ينتفض الرئيس؟ لسنا ندري!

[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات