+ -

عندما تغيب الدولة تحضر الدولة الموازية.. وعندما تصمت المؤسسة الرسمية المرتبكة، يتحدث الكارتل ويقول: رئيس منتدى المؤسسات يرفض سياسة الاستدانة الداخلية ويوجه الحكومة إلى الاستدانة الخارجية .بعد 17 سنة من الحكم الفردي الذي ألغى المؤسسات وتركّز على كتف الزبائنية والزمر السياسية والمالية، انتهينا إلى مرحلة صار فيها للبلد حكومة تنظف الشوارع وما استطاعت، وحكومة موازية تنظف البنوك.. وانتقلنا من الدولة الهيكل التي تشرب النفط إلى دولة الكارتل التي تشفط المال العام.. ومن السلطة البكماء إلى المال المتحدث.. وانتقلنا من الدولة العميقة إلى الدولة الموازية التي تعيّن الوزراء وتعنف السفراء وتهدد الولاة.ليس المأزق فحسب في أن يتجاوز الكارتل - الذي لا تتجاوز مساهمته في الناتج الخام 1,1 في المائة - المؤسسة الرسمية، ويتحدث عن فشل المفاوضات مع شركة رونو، كما لو كان هو الحكومة، ولا في رفضه استدانة الداخل ودعوته الحكومة للاستدانة من الخارج، كما لو كان جهة تتمتع بالمشروعية الشعبية. ليست خطورة المشهد فحسب أن يكون الكارتل شريكا في إقالة رئيس حزب نسي نفسه في لحظة تهور، والتعهد لحزب “إخوان لايت” بحصة في برلمان 97 مكرر في أبريل المقبل.. لكن المقتل في ما هو آتٍ، في هذا التأسيس لتطبيع حالة الندية بين الدولة والكارتل (مستوى الخطاب وحدية الموقف)، في اقتسام رئاسة البرلمان بين ممثل عن المؤسسة السياسية وممثل عن الكارتل (رجل أعمال نائب رئيس البرلمان)، في استئجار الكارتل للبرلمان من دولته ليكتب قوانينه (قانون الاستثمار الجديد) في التطبيع مع كيان دخيل على الدولة، لكنه يراجع مع الدولة دروسها وسياساتها.من حق رجال الأعمال المطالبة بتوفير ظروف مناسبة للاستثمار.. ومن واجب الدولة أن تقيم دعائم تحرير المبادرة الاقتصادية.. لكن الانزلاق المخيف هو أن تنكفئ الدولة شيئا فشيئا في كماشة الكارتل - وقد بدأت في التنصل من التزاماتها الاجتماعية- وتستسلم برهن الواقع الملبد بالغيوم والأفق الغامض، إذ ذاك سيحل الكارتل محل الدولة، ويصبح مفهوم العنف المشروع جزءا من صلاحياته على كل معترض.. وتبدأ مرحلة التوحش وفكاك الدولة من الدولة.. وسيشهد الجزائريون - لا قدّر الله- عودة أخرى لـ«الميليشيات المنفلتة” و«زوار الليل”.. وقد بدأ الكارتل يتدرب على هكذا مرحلة (تهديد وال وحرق مشروع الحديقة في العاصمة ودس المخدرات لصحفي في عنابة واختطاف زوجة ناشط مدني بسبب مقاومته الفساد في تبسة).العقل الأمني للسلطة فرض على الشعب والمكون السياسي والمدني خلال عقود معركة حريات، لكن عقل الممتلك الذي يسيطر على تفكير الكارتل، يدفع الشعب إلى معركة الخبز.. وتلك معركة مرّة ومدمرة للبلد والإنسان .عثمان لحياني❊ في الدولة الهيكل قالوا لنا إنهم أنجزوا مهمة وطنية حين دفعوا المديونية قبل أوانها... على اعتبار أن المديونية الخارجية كلها شر وشمنتر، ودفعها قبل أوانها هي وطنية عنتر!واليوم يقولون لنا: إن العودة إلى المديونية بظروف وشروط أسوأ من السابق هي من الأعمال الوطنية الضرورية! وهي أكبر أهمية للاقتصاد من حتى الاستدانة الداخلية. ويقول هذا زعيم الدولة الكارتل الذي يقوم بالاستثمار الخالص في الفنادق في إسبانيا، ولا يستثمر في السياحة العذراء في الجزائر...!يا زميلي لحياني.. جيلي كان جيلا تافها لأنه قبِل أن يحكمه طوال نصف قرن هؤلاء الذين أغرقوا البلاد في المديونية وقدموها لنا على أنها من الأعمال الجليلة في بناء الوطن، ثم قاموا بدفع المديونية قبل أوانها وقالوا إنها أعمال وطنية أيضا. نتمنى ألا يكون جيلك يا عثمان جيلا غبيا وتافها وخنوعا مثل جيلي.. وأن يأخذ مصيره بيده ويغيّر هذا المنكر.

 

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات