من حصانة النائب إلى حصانة الفساد؟!

+ -

المال الفاسد لم يعد يهدد المؤسسات الدستورية للدولة والأحزاب الحاكمة فقط.. بل أصبح أيضا يهدد بالفساد حتى أحزاب المعارضة.. فالعديد من الأحزاب والحزبيات أصبحت تحت رحمة رجال المال الفاسد بحجة تمويل الحملات الانتخابية.. حتى بات قادة هذه الأحزاب يبيعون جهارا نهارا رؤوس القوائم بالمليارات!يبدو أن المال الفاسد لم يعد حكرا على أحزاب السلطة، بل أصبح أيضا يتسلل بقوة إلى أحزاب المعارضة! ومعنى هذا الكلام؛ أن المعارضة بتصرفها هذا هي في الواقع توفر البديل الفاسد للسلطة... ولهذا يعمد الشعب إما إلى المقاطعة أو التصويت لصالح المفسد القديم الذي يعرفه!المؤسف حقا أن الذين يترشحون إلى البناية في البرلمان باسم أحزاب السلطة، أو حتى بعض أحزاب السلطة، أو حتى بعض أحزاب المعارضة، من رجال المال والأعمال، هم في الغالب الأعم من الذين لهم مشاكل مع العدالة والقانون، ويستخدمون الأموال القذرة للفوز بالنيابة لتجديد الحصانة البرلمانية لتجنب المتابعة القضائية.لهذا، أصبحت الحصانة البرلمانية بالنسبة لهؤلاء هي الحماية من العدالة والقانون. فأصبح هؤلاء يرتكبون المناكر في حق اختلاس المال العام، ثم يحوّلون المال المسروق لشراء رؤوس قوائم الأحزاب، وبالتالي شراء مقاعد في البرلمان تضمن لهم الحصانة من المتابعة القضائية. وهكذا أصبحت الحصانة البرلمانية عندنا مرادفة لحماية الفساد! في حين إن الحصانة البرلمانية في البلدان الأخرى هي تحصين النائب ضد السلطة لتطوير موقفه من محاربة الفساد!الحصانة البرلمانية عندنا أصبحت سلطة تباع في الأسواق السياسية وفي الأحزاب ويشتريها المفسدون.. وخاصة كبار المفسدين ليحتموا بها من المتابعة القانونية.. لهذا رأينا وجود رجال المال الفاسد في قيادات الأحزاب وفي الوزرارات وفي البرلمان! ولا يهم من أين أتى البرلماني بماله الذي يشتري به الحصانة! فقد تحدثت لويزة حنون عن وجود نواب في البرلمان جاءوا إلى النيابة بالمال الفاسد من تجارة المخدرات! والتهريب والتهرب الضريبي وغيرها من الأعمال المشينة والتي تتنافى قانونيا ودستوريا مع تمثيل الشعب في البرلمان.معالجة مسألة استبداد المال الفاسد بالحصانة البرلمانية يتطلب أن تقوم السلطة بإجراء حاسم قانوني، وهو اشتراط رفض ترشح أي شخص له مشكلة مع العدالة! وأن يتم ذلك بكل شفافية وتحت رقابة الرأي العام والعدالة.. التزوير الانتخابي هنا لا يتعلق بتزوير أصوات المواطنين فقط، بل يتعلق أساسا بتزوير المرشحين؛ كأن يتم ترشيح أناس لا يحق لهم تمثيل الشعب بسبب تلوث ذمتهم أمام العدالة والقانون!لا بد من إعادة النظر في مسألة حصانة النائب للتخلص من فكرة حصانة النائب الفاسد بالنيابة ضد المتابعة القانونية.. لأن ذلك معناه إعطاء الحصانة للفساد وليس للنائب!

[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات