+ -

في عهد الحزب الواحد، كانت الأفلان هي جهاز المطافئ السياسية للسلطة.. فعندما تلتهب الأوضاع الاجتماعية تقوم أجهزة المطافئ السياسية بدورها في إطفاء هذه الحرائق؛ مثل الإضرابات العمالية والاحتجاجات الاجتماعية. لكن اليوم أصبحت الشرطة والدرك ثم بعد ذلك الجيش (إذا تأزمت الأمور) هي وسائل إطفاء الحرائق الاجتماعية، مثل المظاهرات والإضرابات والاحتجاجات. الحكومة والإدارة المتسببة في هذه الأزمات لا وجود لها اليوم. والأحزاب السياسية التي هي بدورها مفرزة للحكومة والبرلمان الذي يحكم ويشرّع للناس.. هؤلاء أيضا لا وجود لهم في الأزمات وكأنهم غير معنيين.. فلم نر أبدا زعيم حزب سياسي أو حتى وزيرا في الحكومة واجه المتظاهرين أو المضربين وأطفأ الحريق!والطريف في الأمر هنا أن نواب الشعب دخلوا هم أيضا في إشعال الحرائق في الكراسي التي يجلسون عليها باسم الشعب... فهم أيضا تمردوا على ولد خليفة، رئيس المجلس، لأنه وافق على حذف نصف منحة نهاية الخدمة للنواب... فقرر النواب الغياب عن الجلسات.. في حركة إضرابية واضحة... كان على رئيس المجلس أن يستدعي لهم الشرطة والدرك كما يفعل الوزراء والولاة بالمتظاهرين! ويوقف حكاية الحصانة التي يتمتع بها هؤلاء في مواجهة المواطنين وليس السلطة؟!والأطرف من هذا كله، أن النواب أضربوا حتى عن القعود في الكراسي داخل البرلمان، في وقت يتظاهر أمثالهم في النقابات أمام البرلمان للمطالبة بالإبقاء على التقاعد المسبق “ولا يدري المتظاهرون أن النواب الذين يتظاهر العمال أمامهم هم أيضا في حالة إضراب”!الطبيعة الكاريكاتورية التي تسير عليها الحركة السياسية والاجتماعية والنقابية والنيابية في جزائر اليوم، تجعل الإنسان شبه متأكد من أن هذه البلاد ليس فيها أي شيء يسمى سياسة أو إدارة أو حتى سلطة يمكن أن يطمئن لها... عدا سلطة الشرطة والدرك! كل الأمور الاجتماعية والسياسية تتم بين المحتجين ووسائل القمع، ولا وجود للوسائط السياسية والاجتماعية والإدارية والحكومية. وهو ما يطرح السؤال الكبير: ما فائدة وجود قوانين ووجود دستور إذا كانت كل هذه الظواهر تتم بالقوة في الشارع، وليس في المؤسسات، بواسطة “القزول”؟!قد يقول قائل إن رجال السياسة في الأحزاب والحكومة والبرلمان لا يستطيعون مواجهة هؤلاء المحتجين، لأن رجال السياسة ليست لهم الشرعية المطلوبة التي تجعل المواطن المحتج يحترمهم ويتحدث إليهم.. وفي هذه الحالة تبقى أجهزة “القزول” هي الأجهزة الشرعية الوحيدة في التعامل مع المتظاهرين[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات