+ -

لا يحتاج المرء إلى كبير عناء ليفهم بأن التيار أصبح لا يمر كما ينبغي بين الرئيس ووزيره الأول. فلم يعد هذا الأخير يسبح بحمد الرئيس بكرة وأصيلا كما كان قبل سنتين! إضافة إلى أنه وضع الحكومة في النقطة الميتة بالنسبة لوتيرة العمل:- الوزير الأول قال إنه لا تراجع عن قرار إلغاء التقاعد النسبي، ومرر القانون في مجلس الوزراء وحوّله للبرلمان، رغم بوادر الاضطرابات الاجتماعية التي صاحبت العملية. فهل كان الوزير الأول يجهل حقيقة ما يقع في الشارع وفي أوساط العمال حتى تبلغه مصالح الأمن للرئيس؟ أم أنه كان يعرف ذلك وتعمد إخفاءه عن الرئيس وعن الرئاسة؟ وقد اكتشف الرئيس ذلك لاحقا فقام بإبطال مفعول القنبلة قبل أن تنفجر بتعديل هذا القانون وهو أمام النواب..- منذ مدة والحديث يجري عن تغيير حكومي يؤدي إلى تطبيق بعض نصوص الدستور الجديد المصادق عليه، ومنها أن الوزير الأول يقدم برنامجه أمام النواب. ولكن الرأي ذهب إلى تأجيل ذلك إلى حين إجراء انتخابات تشريعية يتم خلالها تغيير الوزير الأول والحكومة، وإعداد برنامج يتوافق مع نتائج تلك الانتخابات. وقد فوّت الرئيس فرصة الأزمة المالية كي يعيّن حكومة جديدة تعد برنامجا جديدا مكيّفا مع الأزمة ويبرر التغيير الوزاري، والسبب هو الفتوى السياسية “الجايحة” التي قدّمت للرئيس والتي تقول: إن الوضع لا يسمح بفتح نقاش حول برنامج جديد وحول الحكومة والبرلمان ونحن مقبلون على تمرير قانون المالية الذي فيه إجراءات غير شعبية، ومن الأنسب تمرير هذا القانون بهذه الحكومة وهذا البرلمان، ثم الحديث عن التغيير بعد ذلك. لكن هذا الرأي سلمنا إلى رأي آخر، هو أن تغيير الحكومة الآن فيه خطورة ونحن على أبواب انتخابات تشريعية فيها مسألة المشاركة مسألة مفصلية، وأن أي تغييرات يمكن أن يفتح على البلاد أبواب جهنم!لكن هؤلاء ينسون أن “الستاتيكو” الذي تعيشه البلاد، هو الذي قد يفتح على البلاد أبواب جهنم قد لا تتصورها، وأن التغيير يمكن أن يفتح بعض الآمال في تجاوز الأزمة، إذا ما أقدم الرئيس على تغيير وجوه ملها الشعب بأناس جدد، بعيدا عن بؤس هذه الأحزاب التي هي الآن غارقة في سوء تسيير قياداتها لهذه الأحزاب نفسها. إجراء كهذا يمكن أن يفتح الأمل للشعب في إجراء انتخابات مقبولة.- لا يمكن أن نتصور انتخابات جدية ومقبولة تشرف على إجرائها حكومة وقائع عملها لا تتناغم مع رئيس الجمهورية الذي تطبق برنامجه!صحيح أن البرلمان الحالي بهزاله الذي نراه كل يوم لا يمكن أن نسند إليه نقاشا جادا حول برنامج حكومة جديدة وجدية.. لكن من يقول لنا إن هذا الهزال وهذه الفوضى في الأحزاب والبرلمان ليست مقصودة لخلق جو يسمح بتمديد بقاء الرداءة خدمة لأهداف أخرى أقلها تعفن الأوضاع أكثر مما هي عليه، عملا بنظرية “الفوضى الخلاقة”؟قرار الرئيس تجميد قانون التقاعد لم يترك مجالا مقبولا لبقاء الحكومة، على الأقل من الناحية الأخلاقية وليس السياسية.الوضع الذي وصلت إليه أوضاع البلاد لا يسمح بتأجيل التغيير إلى ما بعد الانتخابات، لأن مدة 6 أشهر مدة طويلة، ولا يمكن ملء هذا الوقت بالفراغ القاتل الذي نعيشه، والرئيس عليه أن يدرك جيدا هذه المسألة.

[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات