استهتار بالشعب أم بمؤسسات الدولة ؟

+ -

بعد إحكام أبطال لغة الخشب سطوتهم على الحياة السياسية والمشهد السياسي، هاهم من حين لآخر يطلون علينا بتصريحات تصدم السامعين، فبعد تصريح ولد عباس، أكبر أمين عام حزب على وجه الأرض، لحريم الحزب أن لا ولي لهن سوى رئيس الجمهورية... فإنه أراد بذلك أن يقول إن القاضي ولي لمن لا ولي له، وبما أن رئيس الجمهورية هو القاضي الأول في البلاد يمكنه ممارسة الولاية عليهن، والولاية لا تمارس إلا على القاصر أو ناقص أو عديم الأهلية، فإذا كان هذا الكلام موجها إلى ثلث تشكيلة المجلس الشعبي الوطني ممثل الشعب، فلا عجب إذا كان مصير الشعب هو الحجر، الغريب ولا واحدة من اللواتي وجه إليهن هذا الكلام اعترضت على هذا الطرح، بل بالعكس من ذلك راحت زميلتهن في الحزب وزيرة التضامن السيدة مونية مسلم في نفس الاتجاه تؤكد أن المرأة تحت وصاية الرجل، فكيف لمن هي بحاجة لولي أن تتولى تسيير شؤون العامة وشؤون بلد بحجم الجزائر... قبل ذلك كان تصريح أحمد أويحيى عن مائة ألف حرامي من تجار المخدرات ومزدوجي الجنسية و...و... و... وحين أراد حزبه تدارك هذا التصريح قيل أن المقصودين هم تجار المخدرات، وكأن الجزائر تحولت إلى كولومبيا يوجد بها مائة ألف مهرب وتاجر مخدرات... ثم يأتي دور عمارة بن يونس الذي شتم الشعب، ذات يوم راح يقارن رئيس الجمهورية بالمستشارة الألمانية التي توازي في النظام الجزائري الوزير الأول، فهو بذلك ينزل بمرتبة رئيس الجمهورية إلى مرتبة الوزير الأول الألماني، ذكرني هذا بحكاية الدب الذي هشم رأس صاحبه بصخرة حين حاول قتل الذبابة التي حطت عليه.آخر هؤلاء كان تصريح محمد بن حمو رئيس حزب كذلك، مفاده أن منظمات أجنبية غير حكومية تحضر للتخلاط في الجزائر عبر تكوين بعض الأحزاب والنقابات لدفعها صوب التمرد والعصيان، بالموازاة مع ما تعيشه الجبهة الاجتماعية من حالة غليان بفعل قانوني التقاعد والمالية لسنة 2017، فهو بذلك يحل محل الأجهزة الأمنية المخول لها مكافحة وإحباط المخططات الأجنبية التي تستهدف الجزائر والتصدي لها، فبعد الحرج الذي وضع فيه جهاز العدالة بسبب تصريحات أويحيى، هاهو بن حمو يضع الأجهزة الأمنية على المحك لأن الشعب من حقه أن يعرف من هي المنظمات التي تحضر للتخلاط في الجزائر؟ ومن هي الأحزاب والنقابات المتواطئة معها ؟ وأين يتم تكوينها حول هذا المخطط، هل في الجزائر أم في الخارج؟ وهل لهذا الحزب امتداد في الخارج حتى يتمكن من الحصول على هذه المعلومات؟ مروجو مثل هذه الخطابات لا يدركون خطورة ما يقولون، فمثل هذه التصريحات تترك الانطباع بأن الجمهورية ليست بها مؤسسات وقوانين تطبق على الجميع وبدون استثناء أو تمييز، أو أن التمييع الذي وصلت إليه أجهزة الدولة يحول دون مساءلتهم عما يصدر منهم من تصرفات وتصريحات.الشيء الأكيد أن الشعب يعي جيدا أن هؤلاء لا يعيرون له أي احترام وهو بذلك يبادلهم نفس الشعور، فمستوى الخطاب السياسي سيكون له الأثر البالغ في عزوف الناخبين، ويعطينا صورة واضحة عما ستكون عليه نسب المشاركة في الاستحقاقات القادمة، وأن هؤلاء الذين يركزون كل جهودهم على الشيتة والتملق هم الخطر الحقيقي على السلطة وعلى استقرار البلد وليس أحزاب المعارضة أو الأيادي الأجنبية كما يحاولون الترويج له.ما أحوجنا كجزائريين أن نرى تنافسا سياسيا نزيها وصادقا بين الأحزاب، مبنيا على البرامج التي تعالج انشغالات المواطن، واقتراح البدائل والحلول والإستراتيجيات، يقوده الأذكياء وساسة محترفون والارتقاء بهذا العمل إلى ما يحقق طموحات الشعب، بدلا من المعتوهين السياسيين الذين احترفوا الخطابات الشعبوية الجوفاء التي لا تغني ولا تسمن من جوع، والهف وعدم احترام الوعي الجماعي للجزائريين. وما أحوجنا كذلك إلى تشريعات تجرم الشيتة والتملق والاستهتار بالشعب وبمؤسسات الدولة.بوعلام عبد الرزاقلاحظ أيضا أن الأخطاء التي ارتكبتها السلطة مع عبد المؤمن خليفة هي الآن تكررها مع حداد.. وحين يعرف الشعب ما هو حجم القروض التي منحتها بنوك الدولة لحداد لشراء ممتلكات الدولة منها، ويعرف الطريقة التي تمنح بها المشاريع والأراضي لهذا المستثمر، عندها سننسى ما حدث مع عبد المؤمن!البلد فعلا في محنة وقد تتجاوز في خطورتها محنة الكولون والاستعمار.

[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات