+ -

تعقيبا على مقالكم بعنوان “هذا هو تامالت” الصادر يوم 13 ديسمبر 2016، وهو ثالث مقال لكم حول هذا الاسم الذي سيدخل التاريخ لا محالة ولو بعد سنوات، أود أن أرفع إليكم بعض الملاحظات.قلتم إن المدير العام لجهاز الشرطة رفض أن يعتقل تامالت خارج الأطر القانونية، وهو الشيء الذي حدث بالفعل، لكن التحليل الذي يليه في مقالكم والمبني على معلومة “الرفض” أتمنى أن تعيدوا النظر فيه وفي من أعطاها لكم بحكم ما يلي:- عندما تشتري تذكرة نحو الجزائر، تنقل بيانات المسافرين من شركة النقل مباشرة إلى أجهزة الدولة، وفي حال كان اسم الشخص المعني في قائمة المبحوثين عليهم، فسيلقى القبض عليه من طرف شرطة الحدود بمجرد وصوله إلى إحدى بوابات البلاد، وإن لم يكن الاسم على القائمة المذكورة فلا أحد بإمكانه توقيفه، أي أن مدير الشرطة لا دخل له في الموضوع ولا يستحق أن يذكر في القضية.- أي عون في الشرطة يستطيع أن يتأكد من وجود الاسم في القائمة، وفقيدنا هو ابن العاصمة، علما أن أحسن الأعوان في الجهاز كما في أجهزة الأمن الأخرى هم من أبناء الأحياء الشعبية، وخاصة حيّه وما جاوره. ومن يعرف الفقيد يعلم جيدا بأن تامالت كان على يقين بأن لا أحد سيوقفه قبل حتى أن يهم بشراء تذكرة عودته إلى الوطن.- في علمي المتواضع بالقضاء: من أجل أن يتم ضم اسم ما إلى قائمة المبحوثين عنهم، يجب أولا أن يصدر القرار من سلطة القضاء أو من عند القاضي الأول في البلاد كما تفضلتم، أو من مسؤول في الجهاز نفسه، وهو الشيء الذي لم يحدث.- تامالت يقول في منشور لاحق إنه لاحظ سيارة كانت تتبعه بعد خروجه من المطار، أي أن جهات أخرى كانت على علم بقدومه إلى الجزائر، وليس بالضرورة أن تكون تلك الجهات هي المخابرات، ولو أن هذه الأخيرة تملك المعلومة وأشياء أخرى، باعتبار أن تامالت أشهر بقدومه وكانت له علاقات واتصالات مع ناس كثيرين، من بينهم الذين خانوه وغدروا به.أستسمحكم لأقصّ عليكم التالي: الشهر الماضي كنت شاهدا على حادثة حجز رخصة سياقة. ضابط في المخابرات بهيبته وبطاقته صفع عون شرطة بلباسه وسلاحه بسبب تعنته ومزايدته في الكلام جراء مخالفة تافهة كان بإمكانه أن يتجاوزها. ضابط المخابرات لم يستطع أن يسترجع رخصة السياقة من أيدي عون الشرطة لأن سائق السيارة أو مالكها كان بالفعل على خطأ. كان بإمكان الضابط أن “يمحوَ الشرطي من الوجود”، في الجزائر أو خارجها، وتمرر كأنها وفاة طبيعية ولو بعد أسابيع، لكنه أفرغ نرفزته بصفعه داخل سيارة “الفيتو” وعاد دون الرخصة.عون الشرطة يعرف جيدا القانون ومكانته في الدولة، واليوم “لا سيد فوق القانون” و “اللي غلط يخلص” مهما كان.. ضابط المخابرات فهم أن الشرطي يعي هذا جيداً، حكمته وإنسانيته جعلته يستسلم (وهو ضابط المخابرات الذي لا يعرف الهزيمة في تكوينه) وفضّل أن يعود صاغرا فارغ اليدين أمام كل أصدقائه. انتهت القصة.أعود إلى تامالت رحمه الله، أكاد أجزم أن جهاز المخابرات لا علاقة له لا بتعذيب المرحوم ولا بوفاته، لأن المخابرات لو كان لها يد في القضية لكانت أنهت القصة قبل حتى أن تحط الطائرة في المطار، ومن يدَّعي التحقيق فليتقدم ويكشف هوية من نقلوا الفقيد إلى القليعة وضربوه وعذبوه داخل سجن الحراش (على الأقل باسم أي جهاز أو شخصية دخلوا السجن) حسب روايات إعلاميين في الخارج يتمتعون ربما بحرية تعبير أكثر من حريتي وحريتكم، ولكن ربما لهم شجاعة أقل.لكن سيدي: أنتم كتبتم مقالا وختمتم حديثكم باعتذاركم عن استخدام العاطفة في المقال، وفي نفس الوقت تقولون أمراً من الصعب جداً أن يُصدق، فضلا عن أن يتم إثباته، يخص المدير العام للشرطة الجزائرية. فحديثكم هذا يستحق بالفعل إعادة النظر فيه، وذلك راجع على الأقل لسببين:1- الجهات المجهولة التي ضمنت للفقيد الأمان وغدرت به حسب مقالكم هي نفسها كان بوسعها أن تطلب نزع اسمه من قائمة الشرطة للمبحوث عنهم في حال كان مسجلا في تلك القائمة، وهو الوارد، حتى يدخل المرحوم أرض الوطن ويعتقل و.. وليس العكس، أن يبقى حرا يغرد في الخارج.2- قبل سنة تقريبا، مواطن بسيط معلوماتيا وماليا وثقافيا اسمه “محمد. م«، يتيم متزوج وأب لطفلين، يقطن بمدينة غليزان، أسس صفحة مثل المرحوم تامالت، فآمن المواطن عن قناعة بحقيقة الهيمنة الفرنسية في إفريقيا وراح يروج لشعار يعادي فرنسا ومصالحها في الجزائر، فإذا بالشرطة تداهم منزله وتحجز حاسوبه وتعتقله لتستنطقه في تحقيق مطول، كما ذكر هو نفسه في شهادته، وهنا أتساءل حسب نفس أسس طرحكم: هل رئيس الجمهورية ومدير الشرطة أو جهاز القضاء لهم علم أو علاقة بالأمر؟ وإذا كان كذلك فما الذي يجعل المواطن ينفذ فيه ما قلتم إنه لم يحصل للمرحوم المعروف صديق ابنكم وكبار الشخصيات؟ هل لعن فرنسا والفرانكفونية في الجزائر أخطر من انتهاك الحياة الشخصية لبعض المواطنين الأبرياء والمسؤولين الجزائريين بطريقة صحفية أنجلوساكسونية؟أكتفي بهذا سيدي وأعلمكم أن صفحتنا نشرت مقالكم الأول عن المرحوم، والذي نشكركم عليه، حيث تمت قراءته أكثر من 65000 مرة، لكن مقالكم الأخير المعنون “هذا هو تامالت” لن ننشره، لأن فيه عبارات تلوث الفكر الحر أكثر مما تفيد، ولو أنه وردت فيه نسبيا بعض المعلومات القيمة عن الفقيد صديق ابنكم حفظه الله.آخر مرة راسلت الفقيد أجابني بمناداتي باسم قصير لا يعرفه عني إلا أهل الدار، ولكن للأسف لم أتذكره شخصيا، أما أنتم فأتذكركم جيدا بفكاهتكم وقهقهتكم وأستبعد أنكم تتذكرونني، يا من قيل فيكم أيام الجمر إن شجاعتكم وصراحتكم ستجعلكم تعيشون طويلا ولن تموتوا إلا بعد أن تقوموا بفريضة الحج، وعلقتم قائلين “اليوم عرفت شخصا يعرفني أحسن من زوجتي”.

[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات