+ -

أحد القراء أثار قضية هامة في تعليقه على أحد الأعمدة التي أكتبها... فقال: إن تضخيم الأنا لدى الشعب الجزائري سلوك ليس في محله... لأن الشعب الجزائري شعب مثل بقية الشعوب... وربما له صفات أسوأ من الشعوب الأخرى!فلو كان الشعب الجزائري فيه فعلا ما نعتز به اليوم من أنفة ورفض للظلم والاستعمار، لما استطاع الفرنسيون أن يمارسوا احتلالهم لنا مدة 132 سنة كاملة... والشعب الفرنسي ليس بالشعب اللامع في أوروبا كالإنجليز أو الألمان أو حتى الإيطاليين... الذين لم يتعرضوا لاحتلال مباشر كما حدث للفرنسيين خلال الحربين العالميتين، حيث احتل الألمان فرنسا بالكامل، وقام الأمريكان والإنجليز بتحرير فرنسا من الاحتلال الألماني.نعم أجدادنا كانوا مقصّرين في حماية البلد من الاحتلال.. فالحكام القصر الذين حكموا الجزائر في القرن الثامن عشر هم من طلب الحماية من الأتراك بعد أن عجزوا عن حماية الجزائر بإمكانياتهم.. والذين حكموا الجزائر في القرن التاسع عشر هم من فتحوا الباب للاحتلال الفرنسي بضعفهم وهوانهم! حتى المقاومات للاحتلال كانت تفتقر إلى العمل الجاد... ولذلك لم تستطع هذه المقاومات الانتصار على الفرنسيين رغم هزال هذا البلد قياسا بجيرانه في أوروبا.الفرنسيون نحن الذين أعلينا شأنهم من خلال ركون أجدادنا إلى استعمارهم لنا.جيل نوفمبر هو الجيل الذي شذّ عن القاعدة ورأى الفرنسيين بعين الحقيقة، ولذلك لم يخش رفع السلاح في وجه الاستعمار... وحرر البلاد، وهذه الخاصية بجيل نوفمبر تكاد تنقرض الآن... أمام الهوان الذي يضرب الحياة الجزائرية في جميع المناحي وخاصة في أوساط الشباب، حيث تحوّل البلد إلى معرّة سياسية واقتصادية وثقافية تمزّقه الفتن والقلاقل وتطحنه الأزمات... وتحوّل الشعب الجزائري إلى شعب ميّت يخاف من الموت..! كما كان قبل نوفمبر 1954.ولو لم يكن الأمر كذلك لما أصبح الفساد يحكم البلاد بهذا الشكل البائس والشعب لا يتحرك ولا ينظّم نفسه لأخذ مصيره بيد وفرض الخروج من هذه الوضعية البائسة.نعم.. خلال الأزمة الدموية التي مرت بها الجزائر في الـ25 سنة الماضية، لم يلجأ أي طرف من الأطراف المتصارعة على السلطة إلى الخارج، وهذا ما جنّب البلاد مصير ليبيا أو سوريا أو العراق. ولم يلجأ هؤلاء إلى الخارج، لأن الأزمة وقعت وجيل نوفمبر ما يزال قائما بقيمه، ولذلك كان الرفض لتدخل الخارج... لكن اليوم أصبحت أجواء شعب الدايات والبايات قائمة بالفعل وتسقط عملية الاعتماد على الخارج في حسم الصراع بيننا إذا نشب هذه المرة لا قدّر الله، لأننا أصبحنا غاشي وليس شعبا كما كنا.

[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات