بناء الأوطان لا يأتي بمتعة الكلام

+ -

“أنت فعلا أصبحت جزءا من مشكلة الإعلام والسياسة في هذه البلاد. هل تعتقد، سعد، أنك تؤدي دورك المهني فعلا حين تقوم بوصف الواقع البائس بما هو معيش؟ وهل القيام بذلك يخرجك من دائرة من تكتب عنهم ما تكتبه من مهازل؟! هل تعتقد أن الحسناء المتمنعة التي تعيش في ماخور يمكن أن تصون شرفها وهي تعيش وسط الرذيلة؟ هل شرفك المهني مَصون وأنت تعيش وسط الرداءة التي تتحدث عنها ووسط الفساد؟ هل تعريتك لما يحصل سياسيا وفساديا وردائيا للواقع الذي نعيشه في الجزائر يعطيك الحق في أن تستثني نفسك من هؤلاء الذين يقع عليهم يوميا الفعل المخل بالحياء الذي تقذف به يوميا سياسيا وإعلاميا في وجوهنا كقراء؟ لا يا سعد، أنت وأمثالك جزء من المشكلة ولستم جزءا من عين الحق على من يقيم في بلادنا هذه المشكلة.أنا أعتقد أن الكتابة الصحافية التي لا تؤدي إلى تغيير الواقع، فإن زراعة البطاطا في حقول الجزائر المستعبدة أفضل منها.. لهذا أنصحك بأن تبحث عن مشجب آخر تعلق عليه فشل جيلكم في القيام بواجبه نحو وطنه.نعم تعريتك اليومية للواقع السياسي شيء مهم، لكن هذا لا يعفيك ويعفي أمثالك من تهمة التقصير في أداء الواجب الوطني. أنا أيضا وأنا أكتب لك هذا الكلام أحسست بأنني أمارس ما تمارسه أنت وأعيبه عليك، وأتمنى أن أجد مثلك من يأخذ بيدي ويرشدني لأن أتجاوز فشلك بعمل ناجح.. بلدنا في محنة والكلام لم يعد ينفع لإخراجه من هذا الواقع فماذا نفعل؟”.مواطن انفطر قلبه على الجزائر

* الحمد لله، شيدنا مالا يقل عن 55 ألف مكان في السجون الجزائرية، وهي أماكن كافية لتحرير القارة الإفريقية بكاملها من المظالم وليس الجزائر فقط! لو أنها استُغلت بنجاعة نضالية لفائدة قيم الحرية والعدل ولم تُترك للمخدرات والجرائم بأنواعها، لأنه كلما امتلأت السجون بعشاق الحرية والعدل والسلام فاضت على البلاد والعباد بالحرية! مشكلتنا أننا نريد أن نحصل على الحرية في البلاد بمنَّةٍ من الحاكم وليس بنضالٍ يبدأ من حسن التنظيم وينتهي بالسجن ثم الحرية.ذات يوم من سنة 1994، وصلت الأزمة بيننا إلى القمة والدماءُ تسيل أنهارا والبلاد تكاد تنهار، طلبني 4 ضباط عقداء في الجيش الوطني الشعبي، فطرقت عليهم في شرشال فقالوا: ماذا نفعل؟ البلاد تنهار. فقد وقعت البلاد رهينة في قبضة 4 جنرالات و4 شيوخ لا يعرفون سوى العناد والضغط على الزناد. فقلت لهم: المشكلة فينا نحن جيل ما بعد نوفمبر، لم نأخذ مصير بناء بلدنا بأيدينا، وتركنا هؤلاء يتغوّلون على البلد، لماذا لا نقلب عليهم الطاولة مثلما قلبوا هم الطاولة على زعماء الحركة الوطنية بعد أن تبلَّدت قيادتها وحرروا البلاد؟ لماذا لا نقول نحن لهؤلاء مهمتكم انتهت ونأخذ مصير بناء بلدنا بأيدينا؟ التفت أحدهم لصاحبه وقال له: قم إلى الطعام، فلو استمررت في النقاش مع سعد فغدا ستتجه نحو مكان آخر غير الزبربر.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات