+ -

حين قرأت خبر قيام القاضية الأمريكية ”آن دونللي” بإصدار أمر قضائي بوقف تنفيذ المرسوم الرئاسي الذي أصدره الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، عرفت معنى القضاء ومعنى الحريات ومعنى الإنسان ومعنى ”السلطة القضائية”.العشرات من القادمين إلى الولايات المتحدة الأمريكية من الدولة الست المنبوذة بقوا محتجزين في المطارات إلى أن قالت القاضية كلمتها: ”يستحيل على السلطات الأمريكية توقيف أشخاص يحملون تأشيرة الولايات المتحدة”. وفي بلدنا لا يزال الكثير من الأشخاص يحتجزون ويعتقلون ويتم المساس بحرياتهم وممتلكاتهم.شاهدت أيضا، قبل سنتين، صورة لقاضية أمريكية تقف شامخة وهي تصافح باراك أوباما، رئيس الولايات الأمريكية، بتلك النظرة الحادة، منتصبة القامة، مرفوعة الرأس... وشاهدت في بلدنا قضاة مطأطئي رؤوسهم ترهقهم ذلة ينتظرون ”وزير عدالتهم”، واقفين على أقدامهم لساعات في هذه الأيام الباردة حتى يدشن محكمتي الدار البيضاء والمسيلة، ثم ليتلو عليهم كلمته ”التدشينية”.إن محور إصلاح العدالة هم القضاة، فهل يعقل أن يتحدث وزير العدل في حصة تلفزيونية ”عن كل شيء” بسبب ومن دون سبب، عن التعديلات والإصلاحات والهياكل والبنايات ولا يتحدث عن ”قضاته المستقلين”، الذين بلغت بهم أوضاعهم ”المزرية” حد النواح.لوح نقل لقضاة الجمهورية دعوة الرئيس بوتفليقة لهم بأن ”يمارسوا كامل صلاحياتهم”! فإما أن القضاة يجهلون صلاحياتهم أو أنهم ”يخافون” ممارستها خشية الإملاق أو النفي أو الطرد.لم أر في حياتي نظام حكم فعل بعدالة وقضاة بلده ما فعله هذا النظام، ثم نسمع الوزير يقول: ”نحن نعمل للجزائر!”... من يعمل للجزائر لا يترك قضاة السلطة القضائية لبلد مثل الجزائر يشحتون الكرامة، حتى أصبحنا نشاهد إماما على إحدى القنوات الخاصة يطالب بزيادة أجور القضاة و«إطعامهم” من بيت مال المسلمين! ذلك هو تقديركم وعملكم للجزائر ولدولة القانون؟إن تقديركم للقضاة، حماة ”حريات وحقوق الشعب الجزائري”، لا يختلف كثيرا عن تقديركم للجزائر، لأن الأوطان بعدالتها. وتقدير النظام الأمريكي لقضاته هو ما جعل القاضية ”دونللي” تصدر قرارا كذلك الذي شاهده العالم أجمع.صدقت يا سعد... العدالة في الجزائر هي عدالة السلطة التنفيذية.. ولو أنشأتم عشرات الهيئات المستقلة واستنسختم أحسن القوانين والإصلاحات، فلن يجدي ذلك نفعا، لأن جرعة ”الإذلال” التي أشربتموها لقضاتكم كانت من الحدة بما كان حتى قضت على إحساسهم بأنهم السلطة الثالثة المستقلة في الدولة.مللنا من حكاية الإصلاحات ”العميقة” التي ستغرق سفينة العدالة، لأن قبطانها عضو في الحكومة، يعرف كل المعرفة أن بناء الدولة القوية يبدأ من قوة العدالة واستقلالية القضاة بأجورهم وسلطاتهم، وعدم قابليتهم للعزل ولا للنقل، حتى يقولوا كلمة الحق بقوة.خولة - الجزائر

❊ لا أعلق حتى لا أفسد حلاوة ما كتبت يا خولة.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات