+ -

الآن.. أصبح شبه مؤكد أن ما ستعرفه الانتخابات القادمة سيكون أكبر من المقاطعة والعزوف، وأن الأمر لا يتعلق بالقوة السياسية للمقاطعين، بقدر ما يتعلق بحملة فعالة للمقاطعة تقوم بها الأحزاب المشاركة في الانتخابات بواسطة المعارك الجارية حول ترشيح المرشحين، وحول نوعية ما ستقدمه هذه الأحزاب كرؤوس قوائم للشعب الجزائري.واضح أن البرلمان القادم لا يختاره الشعب الجزائري، بل تختاره أحزاب الحكم (الأرندي والأفالان) فبمجرد معرفة قوائم المرشحين نعرف آليا تركيبة البرلمان القادم، ولسنا في حاجة إلى الانتخابات لنعرف من سينجح في هذه الانتخابات؟! وبالفعل سنعرف حتى رئيس البرلمان قبل أن ينتخب! وفي ذلك دلالة على التحكم عالي الأداء في مسألة التزوير، خاصة بعد دسترة الرقابة بما يفيد تسهيل مهمة المزورين!عندما نسمع أن الوزير الأول، عبد المالك سلال، سيترشح على رأس قائمة الأفالان في العاصمة، نعرف بالتحديد من هو رئيس البرلمان القادم، أو من هو الوزير الأول القادم! فلا يمكن أن نتصور أن سلال يترشح لأن يكون نائبا في البرلمان وفقط! فأول شيء ينجزه بترشحه هو زيادة عدد المقاطعين للانتخابات!ترشح سلال على رأس قائمة الأفالان في العاصمة سيكون مدعاة لارتفاع نسبة المقاطعة، لأن ترشحه يعطي الانطباع لدى المواطنين أن لا شيء سيتغير بعد الانتخابات عما هو عليه الحال قبل الانتخابات. ومعنى هذا الكلام أن الانتخاب وعدم الانتخاب نتيجتهما واحدة، ولذلك فإن الركون إلى المقاطعة يكون هو الغالب.حتى الأحزاب الإسلامية التي يعوّل عليها في حكاية الحشد الشعبي للانتخابات، أصبحت هي الأخرى خارج دائرة التأثير، بسبب استبداد الوجوه المستهلكة بحكاية ترؤس قوائم المرشحين، فالشيوخ الذين استهلكتهم المشاركة في البرلمان صاروا هم الثابت الوحيد في العملية الانتخابية للإسلاميين، وقواعد هذه الأحزاب تحس بمرارة قد تتطور إلى مقاطعة علنية، فعندما نجد الأحزاب الإسلامية المنضوية تحت عباءة جاب الله ترشح لعريبي في العاصمة لمنافسة سلال، لابد أن نحوقل لما وصلت إليه الأوضاع في هذه الأحزاب. فهذه الأحزاب التي تطالب بالتغيير هي نفسها تحنّط الحياة الحزبية وتقضي على أمل الشباب في أخذ زمام الأمور. ولا أتحدث عما يجري في قسنطينة وعنابة ووهران وتبسة وسكيكدة وبقية المدن، حيث التحالف بين الرداءة والفساد هو المظهر البارز في الصراعات المحمومة لترؤس قوائم الترشيحات. كل الناس تعتبر انتخابات هذه المرة أسوأ من انتخابات المرة السابقة، والتي أفرزت لنا برلمان الحفافات، الذي قلنا إننا لن نرى أسوأ منه، لكن الأكيد أننا هذه المرة سنعرف برلمانا ينسينا برلمان الحفافات! وهذه هي نتائج تصرفات السلطة في منعها تكوين أحزاب مقبولة، وحدث ذلك بتشجيع من السلطة للصراعات بالأحزاب وفي الأحزاب قصد إضعافها، وكانت النتيجة هذا الهزال الذي آلت إليه الأوضاع السياسية في البلد[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات