+ -

إلى الأستاذ... بوعقبةأتمنى أن تكون دائما بخير..أود أن أعرفك بنفسي، أنا الممثل الشاب عماد بن شني، الذي جسدت شخصية زبانة.. شخصية القديس أغسطينوس وآخرين في السينما.. التقينا في كثير من المناسبات.. أستاذي أتوجه إليك بهذه الرسالة وقلبي يحترق على حال الفن والثقافة في الجزائر، نحن نعاني كل يوم، لا مجال للإبداع ولا للثقافة.. كما أنك تكتب ببراعة عن المشهد السياسي، وتكشف عورات الفاسدين وتنقل الحقيقة التاريخية... باسمي وباسم زملائي الفنانين أتمنى أن تشاطرنا هذا الألم، لم يبق لنا سواك نلجأ إليه..كلنا نصرخ... ونطلب النجدة من احتكار وحڤرة تمارسها شركة إنتاج تونسية جزائرية... عمرها 3 سنوات فقط، في سنة واحدة استحوذت على أكثر من 10 مشاريع، اعتقد أن الموضوع يحتاج إلى نقاش... كل هذه الثروة والنفوذ واحتكار السوق الفنية في الجزائر من حصص وأفلام ومسلسلات في ظرف قياسي.. عجيب؟ غريب ونحن في أصعب أيام التقشف... خصوصا أن هذه الشركة يسيرها أشخاص لا علاقة لهم بالإنتاج ولا بالفن... ووصل بهم الأمر إلى تحطيم سوق الفن وتشويه صورة الإبداع في الجزائر، هدفهم هو تقديم صورة مبتذلة للفنانين في الجزائر، وتقزيم الفنانين الحقيقيين، وفق عقلية “الفاست فود”، تجدهم يتصلون بعدد كبير من فنانين جزائريين، يتم دعوة الفنان الجزائري إلى مكتبهم الفاخر بباب الزوار... قصد العمل معهم في مسلسلهم الدرامي.. ويتحدثون عن الاحترافية والمهنية ويتم الاتفاق معهم في كل شيء، يقدمون صورة للحياة الوردية ويؤكدون أن التصوير سيبدأ بعد أيام.كيف ذلك؟ بلا أخلاق يقومون باستبدال الفنان الجزائري ودون سابق إنذار، ويا ليتهم يختارون فنانا أحسن من الأول، لقلنا “معلش كل واحد ونصيبو”، لكن للأسف، يلجأون إلى عارضي الأزياء وأقارب المنتجين، ألا يعتبر هذا إهانة صارخة للفن في الجزائر وتشويها للمنتوج الدرامي والسينمائي الجزائري؟تجدهم يتكلمون عن الاحترافية وعن نظرتهم الجديدة، وعن الجودة وعن احترام الفنانين الجزائريين، ولكن واقعهم مشبوه وملغم، فهذه الشركة المجهولة التي تحولت إلى “عملاق” في الإنتاج بين عشية وضحاها، تأمر وتتسلط في مجال الفن في الجزائر، تستثمر في حظ الفنان الجزائري العاثر بين قلة الفرص وغياب القوانين التي تحميه.كما يبدو، فإن هذه الشركة أرادت أن تحيل الفنانين والتقنيين الجزائريين على البطالة، كيف لا وهي تفرض عددا يفوق 70 بالمئة من التقنيين والفنانين الأجانب في كل عمل، أما الفنان والتقني المحلي، قدره الإهانة، ومصيره بلا شك البطالة.. التهميش والهجرة لمن استطاع... وكل هذا أمام صمت المسؤولين؟«واش يدير الميت في يد غسالو”.. هل يملك الفنان الجزائري الحق في العمل في تونس؟ كما يقول المثل الشعبي: “والله وتبوس عينك... مستحيل”، فقد عرفت الساحة الفنية العربية كيف تنظم نفسها، لا تستطيع العمل في تونس أو مصر بسهولة، لديهم نقابة وقوانين صارمة تعمل لصالح الفنان ابن البلد أولا.للأسف ليست غلطة هذه الشركة وحدها، نحن من نتحمّل الغلطة الكبرى، وأقصد هنا الذين رخصوا لهؤلاء للعبث في الجزائر وفنها وتاريخها بهذه الطريقة، لهذا أقول كم نحن فاشلون في سياستنا، فاشلون في كل شيء، ونترك المجال للدخلاء، الذين لا يهمهم شيء في الإنتاج، سوى ربح المال، وليذهب الفن الجزائري واحترام الفنان الجزائري إلى الجحيم.لم يستطع العيش إلا أصحاب الصفقات المشبوهة، من يريد أن يصنع ثروة على حساب تاريخ الجزائر الفني، لا يهم إن داسوا على جماجم بشطارزي وعلولة وحسني وسيد علي كويرات، لا يهم أن يتحول الفن الجزائري إلى “مهزلة” وأضحوكة كل شهر رمضان أمام الجمهور العربي والقنوات الفضائية العربية..السؤال: هل تقبل مصر بمثل هذه المهازل.. هل تقبل تونس... أو لبنان... غير أحنا نقبلوا...أشعر بالتعب، وأنا على يقين بأن كل زملائي الفنانين الجزائريين يشعرون بالإحباط، أمام هذه الصورة السوداوية التي لم تعد تشجع على شيء سوى الذهاب... تغيير المهنة أو الهجرة.. كما فعلها الكثير منا... كل هذه الأمور لا تشجع على الحياة.. لم تعد تشجع حتى على الابتسامة للمستقبل...

* لا أعرف شيئا عما يحصل في عالم الفن السينمائي، ولكنني على يقين من أنه يعيش عالم فساد أكثر من فساد السياسة والاقتصاد والكرة، والمطلوب منكم كشباب ألا تسكتوا مثلما لم يسكت الشباب عن الفساد في الكرة وفي الاقتصاد والتعليم والسياسة.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات