+ -

يتردد على ألسنة الجزائريين: “إن الذي يحبه ربي لا يمرض في الجزائر”! لكن أنا أقول أيضا “الذي أحبه ربي لا يدركه الظلام وهو في مدينة الجزائر”! فإذا وجد بعد السابعة مساء مطعما للعشاء، فلن يجد سريرا للنوم!في الستينيات، كانت أحياء قلب العاصمة تعج بالفنادق الصغيرة والمتوسطة مثل بقية عواصم العالم، كانت ساحة بورسعيد وباب عزون والقصبة فيها على الأقل 5 فنادق صغيرة، اختفت كلها الآن، وكان حي “طانجا” فيه أيضا العديد من الفنادق الصغيرة اختفت هي الأخرى.الإرهاب فجّر فندق إنجلترا الشهير وأصبحت أرضه بناية بالصفيح “خردة” لركن سيارات البلدية في منظر مقزز. لماذا لم يُعَد بناء هذا الفندق الحيوي في قلب المدينة؟! لا جواب عندي!منذ أيام أقدمت السلطات على غلق فندق “السفير” للإصلاح والترميم، في نفس الوقت الذي أغلقت فيه فندق “ألبير الأول”، ولم يبق في قلب العاصمة سوى فندق واحد هو “ريجينا”! وقبل هذا وذاك أخذت الأفالان فندقا في عبان رمضان وأغلقته قرابة 25 سنة! فالعاصمة أصبحت منكوبة فندقيا في قلبها النابض، وأصبحت منكوبة سينمائيا، ولهذا تنام على السادسة مساء دون أسرّة فنادق. قلب العاصمة أصبح فيه عدد مراكز الشرطة أكبر من عدد الفنادق، ومع ذلك فالأمن غير مستتب كما يجب، والسكان يخافون الظلام، فينامون مثل الدجاج عندما تغيب الشمس! والعديد من زوار الجزائر العاصمة ينامون في السيارات لغياب الفنادق.شيء جميل أن يعلن والي العاصمة عن عاصمة إفريقيا من دون أحياء قصديرية، ويأخذ على ذلك جائزة من الأمم المتحدة ووساما من رئيس الجمهورية.. لكن ساحة الشهداء تحولت من ساحة رمز للشهداء إلى ساحة رمز للبناء القصديري في قلب العاصمة، فقد أغلقت هذه الساحة قبل سنوات لأجل الترميم كما قالوا! وحتى الآن لم يتم هذا الترميم! والحقيقة أن الساحة أغلقت حتى لا يعتصم فيها المتظاهرون في الربيع العربي، كما حدث في ميدان التحرير في مصر وفي شارع بورقيبة في تونس! ومع أن خطر الربيع العربي قد زال وأن الجزائريين اقتنعوا بعدم القيام بالربيع العربي، إلا أن السلطة لم تقتنع بعد بأن بقاء ساحة الشهداء بتلك الصورة المؤسفة شيء مشين. صحيح أن ساحة الشهداء تتوسد حي القصبة الشعبي العريق في الثورة وتحاذي باب الوادي المتمرد! لكن هذا لا يبرر بقاء هذه الساحة طوال 7 سنوات وهي على ما هي عليه!والتغني بإنجاز الجزائر أول عاصمة إفريقية من دون قصدير يتطلب إزالة القصدير من ساحة الشهداء أولا، أي إزالة القصدير من قلب العاصمة النابض، وليس من أطرافها! كان على السلطات في العاصمة أن تهتم بقطاعات ثلاثة: تهتم بتحسين الخدمات التجارية مثل المطاعم والفنادق والمقاهي والملاهي، وتهتم بالنقل والنظافة والأمن، وتهتم بالثقافة مثل المسارح ودور السينما والمعارض، لكن عقلية القصدير هي التي تسيّر المسؤولين في العاصمة، لذلك من أحبه الخالق يجنبه المرض أو حلول الظلام عليه في عاصمة إفريقيا من دون قصدير؟[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات