+ -

الأستاذ بوعقبة، هذه سنوات وأنا أقرأ لك عمودك اليومي في جريدة “الخبر”، (نقطة نظام)، والحقيقة التي يجب أن تقال هي أن لك عقلا وافرا وذهنا وقادا وقلما سيّالا، أدام الله عليك كل هذا، لكن مع هذا لي مني إليك نصحا – إن أذنت – وعتابا.. ذلك أني لاحظت عليك كثرة التشاؤم وظلمة الحال وهلاك الزمان، إنك تصور الجزائر وشعبها ومآل الحال والأحوال وكأننا في الجحيم.. وكأننا في الحضيض، وكأنها نهاية الجزائر بل نهاية العالم.ألست، يا سيدي، من عامة هؤلاء الناس، الفساد والتدهور عمّ كل المجالات.. السياسة، التعليم، الاقتصاد، وحتى الإعلام.. إذن أنت واحد منهم.. إذن أنت تتحمل كما أتحمل أنا وزر الإثم وجريرته، فأرجوك.. كفانا اجترارا للأحزان والملمات.أنت تقرأ نقدي لك الآن، هل سيغير نقدي مثلا طريقة تفكيرك، طريقة كتاباتك التي دأبت عليها دهرا من الزمن، كلا.. إذن الحكومات والشعوب لا تتغير بجرة قلم أو بفصاحة لسان، بل يحتاج ذلك دهورا.الشعب، يا سيدي، إلى أين التفت يرتد إليه بصره خاسئا وهو حسير، حيثما توجه شعر بسحاب من اليأس والكآبة يحيط به.. السياسة، الرياضة، الاقتصاد، التعليم... حتى المنابر يوم الجمعة لم تسلم من هذا الخطاب الراكد.آمل، سيدي، أن تعيدوا خطاب الأمل والتفاؤل لهذا الشعب الجريح حتى لا يزداد جرحه، وحتى لا يتمارض قبل أن يمرض وحتى لا يفقد لذته في الحياة.الطالب ولحاج

* أنا أيضا أتمنى أن أكون زارع أمل في البلاد، لكن ما يحدث منذ ثلث قرن تقريبا لم يعد يسمح بزرع الأمل والتفاؤل. قبل ثلث قرن كنا أحسن من إسبانيا وكوريا الجنوبية اقتصاديا، وكنا أحسن من ماليزيا وإندونيسيا، وانظر أين هم الآن.. وأين نحن!سياسة التفاؤل بالعسكرة للبلاد والكل أمني وإلغاء شبه المؤسسات الدستورية الشرعية أوصلنا إلى تعميم الفساد على نطاق واسع. الكل أمني أنهى السياسة في البلاد وأحل محلها الإدارة والفساد، فأصبح الحكام فوق القانون والشعب يساق بالهراوات عوض القناعات!لو كان التفاؤل الكاذب يصنع الأمم الحية لكفانا الإعلام العمومي ذلك، فهو لا يصنع غير التفاؤل الكاذب! وعوض أن يساعد الإعلام العمومي السلطة على تعميم الرقابة على المال العام وتحسين التسيير ومحاصرة الفساد، راح، بواسطة التفاؤل الكاذب، يمجّد سوء التسيير ويلمّع الفساد والاعتداء على القانون والحقوق العامة والخاصة للمواطنين! ويمجّد تعديل العمل بالقانون والمؤسسات بحجة الكل أمني.. هل تلاحظ أن الإعلام الاجتماعي في مواقع التواصل الاجتماعي قد أنهى الإعلام العمومي والخاص الغارق في التفاؤل؟! وأحداث قضية الشرطة والطلبة في ساحة أول ماي خير دليل على ذلك.هل نتفاءل فعلا ببناء دولة بالهراوات وبالإدارات الغارقة في الفساد.. وصرف مقدرات البلاد على سياسات قادتنا إلى ما نحن فيه؟! أليس من حقنا أن نحلم بمؤسسات دستورية شرعية تعلي من شأن سيادة القانون وتحسين تسيير البلاد.. وأخيرا أشكرك على أنك لم تتهمني بأنني مستعمل بأيدي خارجية فيما أكتب، كما تفعل السلطة عند سماعها بأي رأي مخالف لرأيها.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات