+ -

منذ أيام، ألقي القبض على قاضي تحقيق متلبسا بتقاضي رشوة من محامية، لأجل إطلاق سراح موكلها المسجون في جنحة لا تتطلب إيقافه. ومنذ أيام، اتصل بي مواطن شاكيا أمره بخصوص قضيته المطروحة أمام القضاء بسبب نزاعه مع جاره رئيس محكمة سابقا، الذي بنى سورا غير قانوني وتحويل ساحة العمارة إلى موقف سيارات مغلق... ولأن الخصم من القضاء ورئيس محكمة، لم يستطع المواطن فعل شيء ضد هذا الجار القاضي... ووصلت القضية حتى إلى المحكمة العليا التي أعادت الحكم إلى البداية، ولكن القضاة أعادوا إصدار نفس الأحكام السابقة.بناء الجدار بطريقة غير قانونية فعل يعاقب عليه القانون، لكن عندما يتعلق الأمر بالنافذين في العدالة وغير العدالة يعطل القانون.. وبالأمس شاهدت عمال ولاية الجزائر ينزعون سياجات حديدية في حي سعيد حمدين تحت حراسة القوة العمومية (الشرطة) بأمر من الوالي زوخ ودون حكم قضائي، لأن سكان العمارة الذين أقاموا السياجات حول العمارات اعتدوا على قوانين العمران! فهل قوانين العمران التي تسمح لزوخ بإزالة السياجات في العاصمة، لا تسمح لوال أو حتى رئيس دائرة أو المواطن الشاكي من هذا القاضي بأن يزال هذا السور غير القانوني عمرانيا!الطريف في الموضوع أن المواطن الشاكي بجاره القاضي استمرت قضيته سنوات إلى درجة أن القاضي المشتكى منه أحيل على التقاعد، وباع مفتاح شقته المحاطة بالسور لشخص آخر، وهو الأمر الذي عقّد قضية هذا المواطن: هل يواصل شكواه ضد القاضي الذي بنى السور بطريقة غير قانونية وباع مفتاح الشقة أيضا بطريقة غير قانونية، أم يرفع القضية ضد ديوان الترقية العقارية الذي مايزال يملك الشقة قانونيا، أو ضد الساكن الجديد الذي اشترى المفتاح بطريقة غير قانونية. المشاكل التي تواجه تسيير البلاد لا تتعلق فقط بتغوّل الجهاز التنفيذي، بل الأمر يتعلق أيضا بمظاهر الفساد التي شملت السلطات الأخرى، مثل السلطة القضائية والسلطة التشريعية.. فقد ذكر لي هذا المواطن أنه اشتكى أمره أيضا إلى نواب الشعب ولم يفعلوا شيئا... لأن مصالحهم قد تهدد على مستوى الولاية! والأغرب من هذا هو أن قطاع الإعلام أيضا لم يعد يؤدي دوره الرقابي في كشف مظاهرة الإفساد الوطني لجهاز التظلم الوطني في وجه المواطنين!فقد اتصل هذا المواطن بالعديد من الصحف، ولكن لا أحد استطاع أن يثير القضية خوفا من تبعات ذلك! رغم أن القضية فيها من الغرابة في انتهاك القانون ما يثير فضول الصحافيين المهنيين!قد يكون الحديث عن مثل هذه القضايا في عمودي هذا من حين لآخر مسألة غير محببة، لكن قضايا المواطن الصغيرة هذه هي التي تصنع القضايا السياسية الكبيرة.القضية ليست قضية خلاف بين مواطن وجاره القاضي حول بناء سور استمرت سنوات، بل القضية تتعلق بالتعسف في استخدام السلطة ضد القانون من طرف من هم أساسا حراس تطبيق القانون.. لماذا قوانين العمران التي تطبق في العاصمة بصراحة لا تطبق في أي مدينة أخرى... سؤال لوزارتي العدل والداخلية.

[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات