الشارقة: الفن يطرح أسئلة ما بعد الحداثة وصراع البقاء

+ -

يبدو للوهلة الأولى أنه من الصعب أن تجد لك مكانا وسط تشكيل عالمي سبقك بقرون، وبين تشكيل العالم ككينونة سياسية واقتصادية وإنسانية، عالم التشكيل في الفن أو الفن التشكيلي تعقيد آخر، فالفن ينتمي وينحني لمن يمنحه أكثر، لمن يفتح له أبواب ومساحات وفضاءات التواجد والانطلاق، ليتحرر ويعبر عن نفسه في أشكاله المختلفة دون قيد. من هذه المقاربة تسعى الشارقة، كمدينة حديثة عبر مهرجانها الفني العالمي “بينالي” الشارقة، للالتحاق بالركب، رغبة في حجز مكان واحتواء فضاء لفن غير قابل للاحتواء، متجدد، عبثي وجنوني لا يعترف بالنسق التقليدية، ولا يحده مكان. وبقدر ما هو صعب، استفادت الشارقة من هذه الخاصية للفن التشكيلي، وجعلت من حيز مكاني، كان لوقت ليس ببعيد صحراء قاحلة، فضاء مفتوحا بالمعنى الفني للفضاء والمعنى الإنسانيأيضا.

رفعت مؤسسة الشارقة للفنون تحدي الريادة في الثقافة والفن بمفهومهما العميق الذي يلامس كل أشكال الفنون ببعدها العالمي والإنساني، لتجعل من الشارقة مدينة الفن المعاصر في السنوات القليلة الأخيرة. وعكس مدينة دبي التي تعتمد سياسة الضربة القاضية أي الإبهار السريع المكثف والمحدود زمانيا، أرادت الشارقة أن تأخذ طريقا مغايرا وهو الديمومة والتشكل المستمر، بأن تشرق من المكان الصعب على كل الأمكنة، والفرق بين الإبهار والإشراق، كالفرق بين طلوع الشمس الدائم والوجود والضروري والممتد والإنساني وومضة البرق التي تشبه ضربات “فلاش” آلة التصوير المرتبط بحدث سريع مبهر أخاذ، بينما الإشراق دائم مستمر.نتوقف مطولا ليس انبهارا بما تحققه الشارقة، ولكن معاينة واقعية وملموسة لما هو كائن وما سيكون. فـ”بينالي” في طبعاته المتتالية حتى الطبعة الحالية رقم 13 وتحت عنوان “تماوج” حاولت من خلاله الشارقة أن تتجاوز الموج الذي يحدها جغرافيا لتبني لنفسها هوية عالمية تتماشى مع التطور التجاري والعمراني الرهيب الذي تعرفه وتطرح الأسئلة المستجدة في عالم الحداثة وما بعد الحداثة في التشكيل على الخصوص والثقافة والفن على العموم.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات