+ -

اسمح لي أستاذنا الفاضل، وأنا من أحد قرائك الأوفياء، أن أطرح بعض الملاحظات حول ما جاء في مقالكم “نقطة نظام” بخصوص علاقة جمال عبد الناصر بالثورة التحريرية...سيدي الفاضل، كنتم قد ذكرتم أن الرئيس المصري الراحل، جمال عبد الناصر، ليست له أي وصاية على قرارات قيادة الوفد الخارجي للثورة بالقاهرة.لكن بالرجوع إلى التاريخ نجد أن جمال عبد الناصر، عندما اندلعت الثورة في أول نوفمبر 1954 اجتمع بالوفد الخارجي لمكتب حزب الشعب الجزائري في القاهرة المتكون من (أحمد بن بلة، محمد خيضر، آيت أحمد، الشاذلي المكي، وأحمد مزغنة) وأملى عليهم قرارات من ضمنها إزاحة مصالي الحاج من قيادة الثورة، محاولا استغلال الثورة التحريرية للترويج لدى شعوب المشرق العربي على أنه صانعها، وذلك لخدمة مشروعه لتزعم القومية العربية، غير أن أحمد مزغنة والشاذلي المكي رفضا تدخله في شؤون الوفد، فزج عبد الناصر بهما في السجن، ولم يتم إطلاق سراحهما حتى سنة 62.. وقد جاء هذا في (مذكرات الدكتور توفيق الشاوي، مستشار جمال عبد الناصر والمكلف بالقضية الجزائرية تحت عنوان 50 سنة من النضال)... كما جاء أيضا في (شهادة المجاهد والسفير السابق محمد برغام الذي كان إطارا في الوفد الخارجي في القاهرة) الذي قال إنه بعد اندلاع الثورة أرسل مصطفى بن بولعيد ومحمد بوضياف إلى القاهرة لجلب الدعم الخارجي للثورة، لكن للأسف تحالف بوضياف مع عبد الناصر للإطاحة بمصالي الحاج من قيادة الثورة... لأن مصالي كان قد عيّن محمد بلوزداد على رأس المنظمة الخاصة “لوس”، ولم يعيّن محمد بوضياف... فأراد هذا الأخير أن يصفي حساباته مع مصالي ويكون زعيما جديدا على الثورة... وهو ما راق لجمال عبد الناصر الذي رآها فرصة ذهبية لإزاحة مصالي عن المشهد وظهوره في دور الزعيم العربي، رغم أنه لا يملك أي رصيد تاريخي، عكس مصالي الذي كان زعيما عالميا.سيدي الفاضل، ذكرتم أيضا أن عبد الناصر عندما حاول أن يتدخل في قرارات الثورة، تم نقل قيادة الثورة من القاهرة إلى تونس...لكن بالرجوع إلى التاريخ، نجد أن نقل مقر القيادة من القاهرة إلى تونس كان من طرف القيادة الجديدة المنبثقة عن مؤتمر الصومام (لجنة التنسيق والتنفيذ) التي أقصت الوفد الخارجي من المشاركة في المؤتمر... وبالرجوع أيضا إلى التاريخ، نجد شهادة المرحوم بن بلة التي قال فيها إن مؤتمر الصومام غير شرعي، وأنه أقصى البعد العربي والإسلامي، وشكك بن بلة في وطنية عبان رمضان.قلتم أيضا... إن قيادة الثورة حكمت بالإعدام على العقداء (قضية العقداء) بتهمة التعاون مع المخابرات المصرية...لكن التاريخ يقول إن السبب راجع إلى رفض هؤلاء العقداء (منهم العقيد لعموري، عواشرية) الذين رفضوا وصاية مؤتمر الصومام، حسب شهادة المجاهد عمار ملاح، من قيادات الأوراس، التي قال فيها إننا لا نعترف نحن مجاهدي الأوراس بمؤتمر الصومام، وهو الذي صفّى 34 قياديا من قيادات منطقة الأوراس، منهم العقداء، وكان المجاهد علي كافي، وهو أحد الذين شاركوا في المؤتمر، قد طعن في قرارات مؤتمر الصومام، وبخصوص قضية العقداء، فالتاريخ يروي لنا أنه تم إلقاء القبض على هؤلاء من طرف شرطة بورقيبة... والمعروف تاريخيا أن بورقيبة كان من مؤيدي مؤتمر الصومام، وله مراسلات مع عبان رمضان ويعتبره حليفا له.القارئ بن عيسى بشير/ مهتم بالتاريخ❊ ثورة شباب (M.T.L.D) على مصالي واللجنة المركزية بدأت في بداية الخمسينيات، حيث لم يكن لعبد الناصر ذكر، واستعمال شرطة بورقيبة في إلقاء القبض على العقداء له علاقة بخلاف بورقيبة مع عبد الناصر.العقيد كافي قال لي إن إلقاء فرنسا القبض على الزعماء الخمسة في حادثة اختطاف الطائرة، كان عملا إيجابيا لصالح الثورة... حيث كان هؤلاء في طريقهم إلى تونس لتمكين بورقيبة ومحمد الخامس من التفاوض مع الفرنسيين مكان الثورة الجزائرية، في سباق مع عبد الناصر في هذه المسألة... وقد فرح المناضلون بإلقاء القبض عليهم... وقد أكد لي أيضا هذا الكلام آيت أحمد، لأنه كان على خلاف مع الجماعة في هذه المسألة.فالثورة الجزائرية كانت ترفض تدخل الأشقاء في شأنها سواء التوانسة أو المغاربة أو المصريين.

[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات