+ -

أخي سعد، أتابع باستمرار ركنك القيم، لكن أتوقف عند كلمتك المعنونة “استفسار وتوضيح” التي أورد فيها القارئ بن عيسى بشير كلاما أبعد ما يكون عن الحقيقة فقال “جمال عبد الناصر عندما اندلعت الثورة في 1 نوفمبر 1954 اجتمع بالوفد الخارجي لمكتب حزب الشعب الجزائري في القاهرة المتكون من أحمد بن بلة ومحمد خيضر وآيت أحمد والشاذلي مكي وأحمد مزغنة، وأملى عليهم قرارات من ضمنها إزاحة مصالي الحاج من قيادة الثورة، محاولا استغلال الثورة التحريرية للترويج لدى شعوب المشرق العربي على أنه صانعها، وذلك لخدمة مشروعه لتزعم القومية العربية، غير أن أحمد مزغنة والشاذلي مكي رفضا تدخله في شؤون الوفد، فزج عبد الناصر بهما في السجن ولم يتم إطلاق سراحهما حتى سنة 62.. وقد جاء هذا في مذكرات الدكتور توفيق الشاوي، مستشار جمال عبد الناصر والمكلف بالقضية الجزائرية تحت عنوان 50 سنة من النضال”.إليك المعلومات الصحيحة:أولا: في 1953 حضر للقاهرة محمد خيضر وحسين آيت أحمد، ثم بعدهما في نفس السنة أحمد بن بلة. وجد محمد خيضر الشاذلي مكي ممثلا لحزب الشعب الجزائري بمكتب المغرب العربي منذ 1947، حيث حُكم عليه بالإعدام من طرف السلطات الاستعمارية التي اتهمته بالمساهمة في أحداث 8 ماي 1945، فلجأ إلى القاهرة، وعينه حزب الشعب ممثلا له في مكتب المغرب العربي الذي يديره البطل عبد الكريم الخطابي، وكان طوال 6 سنوات الصوت الفصيح والمدوي الذي عرَّف ساسة المشرق العربي بالقضية الجزائرية، وفجأة يجد نفسه مبعدا من خيضر، فاستمر معزولا بالقاهرة.وبعد اندلاع الثورة، حضر أحمد مزغنة إلى لقاهرة ممثلا لمصالي الحاج، فانضم إليه الشاذلي مكي، وتوجه إلى باندونغ سنة 1955 ممثلا لمصالي الحاج، فحدث ارتباك في الصفة التمثيلية للجزائر، واستطاع الوفد الذي ترأسه حسين آيت أحمد أن يكرس تمثيل جبهة التحرير الوطني في مؤتمر باندونغ. وعندما عاد الشاذلي مكي إلى القاهرة تدخل أحمد بن بلة الذي كان يتمتع بثقة كاملة لدى جمال عبد الناصر وطلب منه اعتقال الشاذلي مكي، فاعتُقل وبقي في السجن إلى أن استقلت الجزائر. وقد وضح بن بلة لعبد الناصر أن مصالي الحاج أبٌ للحركة الوطنية، لكنه يريد أن تكون الثورة باسمه، وقيادة الثورة قررت أن تكون الثورة باسم الشعب الجزائري، وجبهة التحرير الوطني التي ضمت سائر الأحزاب الجزائرية ممثلة للثورة، وقررت عزل مصالي وسائر أعوانه.وللأمانة التاريخية لم يكن جمال عبد الناصر يتدخل في شؤون الثورة الجزائرية، فقد وجد في أحمد بن بلة رجلا صادقا فاعتبره هو الممثل للثورة الجزائرية وتعامل معه على هذا الأساس، مقدما له كل ما يطلب للثورة.ثانيا: توفيق الشاوي لم يكن أبد مستشارا لعبد الناصر، بل كان من الرعيل الأول للإخوان المسلمين من رفاق البنا، وعندما جاء عبد الناصر للحكم وجده أستاذا بالجامعة. ولما جرى الخلاف بين الإخوان المسلمين وعبد الناصر، ترك الشاوي الجامعة وتوجه إلى المغرب ثم السعودية كأستاذ جامعي، وكانت له علاقات بالثورة الجزائرية، وفي مذكراته لم يورد ما جاء على لسان السيد بن عيسى بشير.مع خالص تقديريد. عثمان سعدي، الأمين الدائم لمكتب جيش التحرير بالقاهرة 1956 – 1957،وكان هذا المكتب تحت شراف أحمد بن بلة

* الشاذلي مكي رحمه الله كانت له خلافات مع الوفد الخارجي للثورة لأنه محسوب على مصالي الحاج، وكانت له علاقات أيضا مع الطالب بومدين في القاهرة.هُمش الشاذلي مكي في السنوات الأولى للاستقلال من طرف بن بلة، وبعد انقلاب 19 جوان أعاد له بومدين الاعتبار، وعيَّنه المرحوم مولود قاسم في وزارة الشؤون الدينية، وقد تعرفت عليه هناك، وسمعت منه الكثير عن فترة ما قبل الثورة في القاهرة. ولو كان المجال يسمح لذكرت معلومات ذكرها لي تخص هذه الفترة.كان بيده عاهة، وكان عندما يغضب يسارع لإخفاء يده المعطوبة بالأخرى الصحيحة.. رحمة الله عليه!

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات