حقيقة حملة سلال بالمجتمع المدني!

+ -

تنقل الوزير الأول إلى الولايات، في عز الحملة الانتخابية، له دلالة سياسية كبرى... فقد شعرت الحكومة أن الحملة الانتخابية التي تقوم بها الأحزاب لا يمكن أن تحمل الشعب على الذهاب إلى صناديق الاقتراع، بسبب تدهور سمعة هذه الأحزاب من جهة، وبسبب نوعية المرشحين الذين اعتلت أسماؤهم القوائم الانتخابية بواسطة المال!لهذا تريد الحكومة أن تقوم هي بالحملة الانتخابية مكان هؤلاء لضمان حد أدنى من المشاركة...!وتحاول الحكومة أن تتجاوز وهن الأحزاب السياسية في تجنيد الشعب للذهاب للانتخاب، بالعمل على تجنيد الشعب عبر ما تسميه الحكومة بالمجتمع المدني! والمجتمع المدني هذا هو الحلقة الانتهازية في التنظيم السياسي الإداري للجزائر... فأغلب هؤلاء الذين يسمونهم بالمجتمع المدني هم مجموعة من الجمعيات والهيئات التي تمارس السياسة في دعم الحكومة وإخفاقاتها لقاء عطاءات مالية تسمى مساعدات جمعيات المجتمع المدني.. وهي جمعيات بالآلاف لا تعمل شيئا غير تأييد الحكومة لقاء أموال تحصل عليها هذه الجمعيات بطرق مختلفة، سواء من الوزارات أو الولايات أو البلديات أو الدوائر... وهي الأموال التي لا تحاسب هذه الجمعيات على الأوجه التي تصرفها فيها... وعادة ما تكون هذه الأموال تصرف في نشاطات مشبوهة!خيبة الحكومة هي لجوؤها إلى هذه الجمعيات لتملأ بها القاعات في مظهر كرنفالي يخطب فيه الوزير الأول على أناس يقال إنهم لا علاقة لهم بالسياسة، لأنهم من المجتمع المدني، ومع ذلك يطلب منهم أن يجندوا الشعب للعمل السياسي كالانتخابات مثلا!نظرية ممارسة السياسة بجمعيات غير سياسية هي نظرية لا توجد إلا في الجزائر... فالحكومة أوصلت الأحزاب السياسية إلى هذا المستوى من التفكك والضعف والهوان على الناس... ثم تريد تجاوز ضعف هذه الأحزاب بالجمعيات المدنية.لو كانت الحكومة جدية في البناء الوطني للمؤسسات الدستورية للدولة لاستخلصت الدرس من التصحر السياسي الذي أحدثته في الحياة السياسية بسياسة التخلاط والتضييق على الأحزاب السياسية، إلى درجة أنها أنهت وجودها الفعلي وبقي فقط وجودها الشكلي. ولهذا، عندما تحتاج الحكومة إلى هذه الأحزاب في تعبئة الشعب تجد “الريح في الشباك”، فتعمد إلى البحث عن مبتغاها في الجمعيات غير السياسية.الحل ليس في استخدام الإدارة في جمع شذاذ الآفاق ممن يسمون أنفسهم بالمجتمع المدني ليخطب عليهم الوزير الأول، وينجز بهم حملة انتخابية خارج القانون والدستور... بل الحل هو إعادة النظر في المسلكية السياسية للحكومة إزاء الظاهرة السياسية للأحزاب، والسماح بتكوين أحزاب حقيقية وليس الأحزاب المفبركة بالتأييد والمساندة! لو كانت هيئة دربال هيئة فعلا مستقلة لقامت بتوجيه إنذار إلى الوزير الأول عن استخدام وسائل الدولة في تنظيم حملة انتخابية موازية لصالح الأحزاب الحاكمة والحكومة... حتى ولو كانت هذه الحملة مستترة تحت ستر الإدارة والمجتمع المدني.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات