+ -

ها قد تمت الانتخابات وجاءت النتائج كما خطط لها دون زيادة أو نقصان. كان تزوير نسبة المشاركة هذه المرة أهم من تزوير مقاعد البرلمان! لأن الأمر يتعلق بشرعية السلطة، وبالتالي شرعية الانتخابات وشرعية توزيع الحصص على الأحزاب المشاركة في المهزلة.1- واضح أن أقوى حزب في مجموعة المشاركين في الانتخابات هو حزب الأوراق الملغاة، لأن أصوات هذا الحزب حقيقية وليست مزورة، كما هو الحال بالنسبة لأحزاب الحكم، ومع ذلك احتارت وزارة الداخلية في إعلان هذه النتائج، ولذلك بقي إعلان النتائج كل هذه المدة، حوالي 24 ساعة كاملة احتاجتها وزارة الداخلية لترتيب إعلان النتيجة، رغم أن الوزارة صدعت رؤوسنا بعملية تحديث الإدارة بالإعلام الآلي! وعندما تعلق الأمر بإعلان نتيجة الانتخابات رجعت الوزارة إلى الطريقة التقليدية التي تعتمد نقل النتائج بالبغال والحمير!2- لاحظوا، أن نسبة المقاطعة هذه المرة كانت قياسية 60% من الجزائريين لم يذهبوا إلى صناديق الاقتراع، وهي نسبة تعكس شعبية النظام من جهة، وتعكس شعبية من رشحهم النظام لتمثيل الشعب من جهة أخرى، والملاحظ على هذه النتائج أن ترتيب الناجحين كان يحدد بمنسوب مستوى “الشيتة” للنظام وليس بمستوى الأصوات، فالأفالان كان الأول بلا منازع في “الشيتة” للنظام، وقد أبدع ولد عباس في ذلك، ولذلك استحق هذه النتيجة، ويليه حزب “الراندو” الجبار، وحزب عمارة بن يونس، أما الأحزاب الإسلامية فكان لحمس نصيبها لأنها هي التي كركرت الأحزاب الإسلامية إلى المشاركة، ونفس الشيء بالنسبة للأحزاب اليسارية، فالأفافاس، الذي قبر مسار مزفران استحق أن يكافأ، لأنه “كركر” الأرسيدي إلى الانتخابات وأجهزت عليه السلطة لطول لسانه في بعض القضايا. ولويزة حنون دفعت ثمن المطالبة بمقابلة الرئيس؟ ومن المؤسف أن حزب بن يونس وحزب “تاج” يصبحان قوة سياسية في البلد بسبب ارتفاع منسوب الرداءة السياسية في أدائهما في الحملة وقبلها!3- لا يحتاج الملاحظ إلى كبير عناء لمعرفة التزوير الفاضح لنسب المشاركة، فتيزي وزو لم تتجاوز نسبة المشاركة فيها 17 %، حسب البيان الرسمي، وهي نسبة قريبة من الحقيقة، لأن منطقة القبائل لا تعرف التزوير سواء في نسب المشاركة أو في أصوات الناخبين، وإذا كانت منطقة القبائل، التي فيها أقوى الأحزاب السياسية وأقدمها وهي الأفافاس والأرسيدي، قد قامت بدعوة المواطنين إلى الانتخاب، وكانت النتيجة هي هذه (17%)، لكم أن تتصوروا نسبة المشاركة في المناطق الأخرى التي هي أقل تنظيما سياسيا وأقل تسييسا من منطقة القبائل! وواضح أن السلطة فضحت نفسها بهذه النتيجة التي أعلنتها في منطقة القبائل، فإذا كان العزوف يشكل 40%، فإن المقاطعة السياسية تشكل 20%، وهي نفس النسبة التي أخذها المشاركون مجتمعين!4- رغم التزوير الفاضح الذي أصاب هذه المرة نسبة المشاركة وليس أصوات الناخبين وحدهم، فإن النتائج وضعت السلطة على كف عفريت من حيث الشرعية، لأن ثلاثة أرباع الجزائريين لم يصوّتوا أصلا، ونصف المصوّتين، وهم 40%، عبّروا عن غضبهم من النظام بتصويتهم بالورقة البيضاء، ومعنى هذا الكلام أن 80% من الجزائريين لم يصوّتوا وقاطعوا الانتخابات، وهذا معناه أن نسبة رفض الشعب للنظام ولرجاله قد بلغت حدا مقلقا لمن له ذرة من تقدير الشعب واحترامه!فضيحة إعلان النتائج بهذه الطريقة المؤسفة ستفتح المجال إلى قلاقل سياسية، قد تبدأ أولا بتسريب الفضائح التي حدثت في عملية إعلان النتائج بالمحاصصة، وثانيا ستتم الفضائح أيضا في عملية تقسيم المناصب في البرلمان والحكومة، وما قد يصاحبها من قلاقل بسبب تركيبة الناجحين في الانتخابات وما يمتازون به من رداءة وانتهازية.البلد فعلا في وضع خطير وأكثر خطورة مما كان عليه قبل هذه الانتخابات، وبهذا فإن الذين قالوا إن إجراء انتخابات بهذه الطريقة وبلا سياسة وبلا أفق هو مجرد قفزة في مجهول، هؤلاء على حق والأيام ستكشف ذلك.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات