+ -

قرار تعيين تبون على رأس الحكومة اتُّخذ على مستوى الرئاسة قبل عام تقريبا، وبقي إخراجه إلى العلن ينتظر الفرصة، وقد جاءت فرصة الانتخابات لتنفيذ القرار.منذ سنة تقريبا وقعت “هوشة” بين وزارة المالية ووزارة السكن حول موضوع الاستمرار في سياسة بناء السكن الاجتماعي، وقد فهم آنذاك أن “الهوشة” بين المالية والسكن كان وراءها سلال، لأنه اشتم رائحة القرار فأراد التشويش على المعني بواسطة الضغط بوزير المالية.!لكن الرئاسة فهمت الرسالة من سلال فأوعزت إلى وزير المالية بأن يقول إن قطاع السكن لا يمكن أن يمسه التقشف! وفهم سلال أن الأمر جدي فتراجع، وقال في تصريح له إن السكن لا يمسه التقشف.!بعدها بأسابيع وقعت “هوشة” أخرى بين وزير التجارة الراحل بلعايب ونافذين في السلطة، ووقف سلال إلى جانب النافذين ضد الوزير العايب، وعندما مات الوزير كمدا قام الرئيس بتعيين تبون وزيرا للتجارة بالنيابة.. وفُهم وقتها أن “الفيل” تبون أضافوا له “فيلة” التجارة!وهي رسالة من الرئيس لمن يريد قراءة الرسائل بأن القضية جدية وليست فقط مسألة ظرفية يمكن التشويش عليها! وأن تبون لا يتمتع فقط بثقة الرئيس بل يتمتع أيضا بما تعتبره الرئاسة نجاحا في قطاع السكن، المجال الحيوي الذي يفتخر بأنه أنجز شيئا له علاقة بالشعب مباشرة ويراد التشويش عليه.وجاءت الانتخابات التشريعية فسرّعت من عملية تنفيذ القرار الذي اتخذ منذ سنة تقريبا، خاصة عندما أنجز سلال حملة انتخابية لصالح الأفالان والأرندي تميزت بالهزال، وأدت إلى ارتفاع منسوب مقاطعة الانتخابات وصل إلى حد ملامسة انتخابات تقرير المصير سنة 1962، وبات من الصعب على الرئيس أن يجدد الثقة في وزيرٍ أولَ هذا هو موقف الشعب من حملته وتجواله في الولايات، إضافة إلى عدم التحكم في عمليات الغش الانتخابي والتزوير إلى حد أنه أشيع أن عدم التحكم كان مقصودا ويقصَد به الرئيس مباشرة؟! وأُتبع هذا الفشل بفشل آخر له صفة قاتلة، وهي المشاورات التي باشرها سلال بطريقة مضحكة أدت إلى تلاسن بين أويحيى وسلال، ودفعت الرئيس لأن يدعو الاثنين إلى التزام واجب التحفظ! وهو ما أبان عن ضعف في التنسيق بين مراكز القرار في السلطة وسرّع من عملية إخراج قرار تعيين تبون إلى العلن لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من سمعة السلطة.. وهذا يعني أن تبون خرج من بين الزحام وليس من بين الركام فقط.!ويبقى السؤال الذي يمكن أن يطرح الآن: ماذا بوسع تبون فعله؟ ! هل سيكون مجرد رقم جديد في حكومة وسياسة قديمة؟! أم وضعه يكون خلاف ذلك؟! هذا الأمر يتوقف على نوع الحكومة التي ستشكل له أو يشكلها.. فإذا كانت حكومة ترضيات فلن يشذ عن قاعدة سلفه، وإذا سمحوا له بتشكيل حكومة كفاءات فقد يعد أمره تحوّلا أو بداية تحول.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات