+ -

الأجواء السياسية في البلاد هذه الأيام تشبه تماما الأجواء السياسية التي كانت سائدة في البلاد في شهر ماي 1965. عبث بمؤسسات الدولة بصورة غير مفهومة ولا مبرر لها... وإبعاد لأناس من الحكم بلا مبرر وبلا تفسيرات مقبولة! وتوترات عالية في الوسط الاجتماعي الاقتصادي، وتململات شعبية سياسية جهوية حادة وجدية تهدد الوحدة الوطنية، تماما مثلما كان الجو السياسي سنة 1965.الفرق الوحيد بين أجواء سنة 1965 في شهر ماي والأجواء السياسية في هذا الشهر، هو أن المؤسسة العسكرية في عهد بن بلة تختلف جذريا عن المؤسسة العسكرية في عهد بوتفليقة... وأن المناخ الدولي السائد الآن يختلف عن المناخ الدولي الذي كان سائدا سنة 1965.في سنة 1965 وبالتحديد في شهر ماي كانت الولايات المتحدة الأمريكية ترسل لنا المساعدات، كنا تسميها “الصداقة”، من شعب الولايات المتحدة الأمريكية إلى الشعب الجزائري... كان مواد هذه “الصدقة” عبارة عن أكياس “طحين” “الماييس” وعلب المارغارين النباتي... توزع هذه المواد على الشعب الفقير الخارج من الحرب بالمعريفة والبيسطو تماما مثلما توزع اليوم قفة رمضان بالبيسطو! كانت حكومة بن بلة توزع المساعدات الأمريكية على السكان مقابل حملات التشجير كنوع من التشغيل المتحايل على البطالة، تماما مثلما هو الحال اليوم في قضية عقود تشغيل الشباب التي تحتال بها الحكومة على البطالة! كان الفقراء من الشعب في عهد بن بلة يأكلون أكياس الذرى الذي يبعث بها الأمريكان للشعب الجزائري كمساعدة هدية، وفي نفس الوقت يخيطون من الأكياس الفارغة لباسا لستر عوراتهم! حتى بات الناس يعرفون الفقراء بهذا اللباس! فتجد المواطن يسير في الأرياف ويلبس لباس خيط من كيس “صدقة” أمريكا.. يسير وقد كتب على ظهره هدية من شعب الولايات المتحدة الأمريكية!وجه الشبه بين توزيع صدقة أمريكا في عهد بن بلة وتوزيع قفة رمضان في عهد بوتفليقة، هو التوزيع بالمعريفة... حتى أن المطرب أحمد صابر أدان في إحدى أغانيه هذه الممارسة، فغنى أغنيته الشهيرة التي سجنه بن بلة بسببها: “بوه... بوه... والخدمة ولات أوجوه...”! ويقصد الخدمة الموصلة إلى قفة الصدقة الأمريكية، عن طريق التشجير!البلاد فعلا تتجه بخطوات سريعة إلى الحالة التي كانت عليها سنة 1965، مع زيادة طغيان الرداءة في تسيير البلاد وشح موارد البترول بصورة غير مسبوقة، والمؤسف أنه لا يوجد حل في الأفق. ولا يوجد البديل لما هو قائم الآن من رداءة وفساد وقلة الإحساس بالمسؤولية! حتى “الماك” أنهى في منطقة القبائل سياسيا كلا من الأرسيدي والأفافاس، وأصبح “الماك” هو القوة السياسية الأولى هناك.البلد حقيقة في خطر.. المسؤولون يخفون رؤوسهم في الرمال كالنعام! فنحن فعلا نعيش سعادة ونعمة التفكير النعامي، ويستوي في ذلك الحاكم والمحكوم.

 

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات