+ -

نشر الصحفي المعروف الأستاذ سعد بوعقبة مقالا تهكميا، بجريدة “الخبر” في عددها الصادر يوم 6 جوان، احتوى للأسف الشديد على كمّ كبير من المغالطات والأخطاء المهنية الصارخة، فضلا عن غياب اللياقة، ما يستوجب التوضيح الآتي:تساءل السيد بوعقبة في معرض اتهام قطر بالإرهاب حول الموقف من مصر التي صدّرت حسب ادعائه أفكار الأخوان المسلمين إلى العالم، بما فيه قطر وتركيا وفلسطين والجزائر، ويبدو أنه نسي أو تناسى عن عمد أن مصر واجهت جماعة الإخوان المسلمين منذ أربعينيات القرن الماضي، حينما مارست الإرهاب على نطاق واسع ضد قضاء ونواب برلمان ورئيس وزراء مصر، فضلا عن أعمال التخريب التي تمت في القاهرة ضد يهود مصر بإيعاز من الاحتلال البريطاني لدفعهم نحو الهجرة إلى فلسطين المحتلة، بل وزادت على ذلك بمحاولتها اغتيال الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر عام 1954، ومن ثمّ فلجوء هذه الحركة الإرهابية للعنف لم يكن وليد اليوم، وإنما واجهته مصر بحل الجماعة وحظر نشاطها منذ هذا التاريخ وحتى الآن. وبدوري أتساءل أليس من الغريب أن يلجأ السيد بوعقبة لطرح مثل هذه الأفكار وبهذه الطريقة غير الموضوعية؟إن مصر تكافح التطرف وتحارب الإرهاب، وتعمل على توقيف الدعم والتمويل عن كافة التنظيمات الإرهابية وفقا لنصوص قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة التي تلتزم بها جميع الدول الأعضاء في المنظمة الأممية، وهو حق لكل دولة تحافظ على أمنها القومي وتواجه به إجرام أنظمة اضطلعت بدور بغيض، وتحت وصاية بعض الدول الأخرى التي تبحث عن دور سلبي مناوئ لكل ما هو عربي وإسلامي، وغني عن البيان أن مصر قدمت آلاف الشهداء من خيرة أبنائها من رجال القوات المسلحة والشرطة والمدنيين في مواجهة المؤامرات المموّلة والمدعومة من قطر وغيرها لزرع الإرهاب في شبه جزيرة سيناء، وتنفيذ مخططات خارجية تعبث بالأمن القومي المصري، كما تتبنى مصر موقفا منفردا لتجديد الخطاب الديني مما شابه من مثالب على يد التنظيمات الجهادية المتطرفة التي تدثرت بعباءة الإخوان المسلمين، ما أدى الى اقتناع الآلاف بهذا الفكر المتطرف وتكوين حاضنة فكرية ومعنوية للإرهاب في مختلف ربوع العالم، ومن ثمّ فالعبث يا سيد بوعقبة كل العبث، والمضحك كل المضحك، هو ما ذكرتموه ضمن مقالكم بشأن هذه النقاط.دُهشت أن يلجأ صحفي مثل السيد بوعقبة إلى وصف السيد وزير الخارجية المصري بأسلوب فج ومسفّ بما لا يليق بمنصبه ومكانته كمسؤول رفيع لدولة بحجم مصر وشقيقة للجزائر، ودهشت للمرة الثالثة حينما وجدت حديثه يفتقر للحد الأدنى من دقة المعلومات المطروحة حينما تساءل: “إذا كانت مصر كبيرة فلم لم تقطع العلاقات مع تركيا وقطر؟! فلو كان أبدى بعض الدقة فيما طرحه من أسئلة لكان قد علم بأن مصر سحبت سفيرها من تركيا منذ عام 2013، وقامت لاحقا بطرد السفير التركي وتخفيض حجم التمثيل الدبلوماسي مع أنقرة في نهاية ذات العام. كما قامت مصر بسحب سفيرها من الدوحة في ذات الوقت. وهي كلها إجراءات تم اتخاذها منذ أكثر من ثلاث سنوات ونصف احتجاجا على التدخل السافر للنظام القطري في الشأن المصري ودعمه للتخريب والإرهاب الذي وقع في مصر واستمر وقوعه في الفترة اللاحقة. ويبدو أن السيد بوعقبة نسي أو تناسى عن عمد أيضا هذه المعلومات التي عرض على القارئ الجزائري نقيضها دون تحري الحد الأدنى من الدقة بشأنها. وبدوري أوجه له سؤالا: لماذا لم تشر إلى قرار حظر مكتب قناة الجزيرة القطرية، الذراع الإعلامي للنظام في الدوحة، في عدة دول عربية تعرفها جميعا؟ ألم يكن هذا القرار اقتناعا بمثالب هذه القناة البغيضة التي سعت لإفساد الحياة في كافة الدول العربية، وتأكيدا لدورها السلبي الذي شكل خطرا على أمن هذه البلاد واستقرارها؟وبعد استعراض كافة المغالطات الآنفة، أجد نفسي في مرحلة خالية من أي تعجب أو غرابة حينما أقرأ لك أن الاجتماع الوزاري الثلاثي الأخير بين مصر وتونس والجزائر قد تناول قضية العلاقات المصرية القطرية. وأود أن أحيطك علما، باعتباري أحد المشاركين في هذا الاجتماع و “أحد المصادر العليمة”، أن المباحثات تركزت من ناحية الشكل والمضمون حول سبل التحرك في ليبيا، كما كان تحديد موعد الاجتماع ومكانه بالتنسيق والتشاور الدبلوماسي المسبق مع الأشقاء في الجزائر، وقبل فترة من قرار مصر ودول عربية أخرى قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر. فأين العلاقة الموضوعية بين الأمرين على نحو ما أشار إليه في مقاله؟أخيرا، فمصر الكبيرة والرائدة في منطقتها لم يسبق لها التدخل في شؤون الجزائر، أو محاولة إدخال مكوّن سياسي جزائري في دائرة الإرهاب على حد وصف المقال، فلا علاقة لنا بذلك لكونه شأنا داخليا خالصا ضمن سيادة الجزائر الشقيقة. كما لم ولن يكون لمصر هدف من المشاركة في اجتماعات خاصة بليبيا إلا مساندة الأشقاء في هذا البلد العزيز علينا لتجاوز أزمته الراهنة، واستعادة عافيته وضمان أمنه واستقراره، ومساعدته على التخلص من جماعات الإرهاب والتطرف والتدخلات الخارجية التي عصفت به منذ 6 سنوات.وأختتم ردي موجها حديثي إلى السيد بوعقبة قائلا إن الكلمة أمانة ومسؤولية تجاه القارئ، وإن تحري دقتها أمر أكثر أهمية لصالح مصداقية الصحفي، تأكيدا لما ساقه دائما أستاذ الصحافة المصرية والعربية السيد محمد حسنين هيكل في كافة أحاديثه، والذي شرفتَ بمرافقته وأنت شاب خلال زيارته للجزائر، على نحو ما ذكرته لنا في إحدى مقالاتك لرثائه عقب وفاته رحمه الله.وكل عام وأنت بخير

[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات