+ -

عاب على بعض القراء ما أسموه الاستهزاء بالاحتفالات الخاصة بالذكرى 55 للاستقلال ... وقالوا إن ذلك لا يليق، فقد حضر الاحتفال عدد من الوزراء والسلك الدبلوماسي، وهذا وحده كان كافيا كي لا أندد بالاحتفالات على النحو الذي ذكرته في عمودي السابق!أنا لم أندد بالحكومة التي حضرت هذه الاحتفالات، بل الحكومة هي التي نددت بنفسها ! وإلا كيف نفهم وجود حكومة وسلك دبلوماسي للتفرج على استعراض المكانس الآلية لكنس زبالة هؤلاء المسؤولين الذين يحكمون الجزائر .. مكانس مستوردة يتفرج عليها سفراء الدول على أنها من منجزات الحكم الراشد الجزائر في استعراض الاحتفال بالذكرى 55 لاستقلال هذا البلد!كم تمنيت لو أن رئيس الجمهورية أو الوزير الأول أمر هؤلاء الوزراء بالسير خلف المكانس المستوردة في استعراض وزاري يقدم فيه الوزراء أنفسهم على أنهم من منجزات الحكم الراشد مثلهم مثل المكانس الآلية التي استوردوها لتنظيف أوساخ العاصمة ! لمن لم يعش الأحداث ... لابد أن نذكر بأن الحكومة الجزائرية قامت قبل ربع قرن بغلق مصنع المكانس الذي كان يشغل المكفوفين في الحراش بحجة عدم الجدوى الاقتصاديةǃ وها هي الحكومة تستورد اليوم المكانس الآلية من الخارج بعائدات البترول وتعرضها في شوارع العاصمة على أنها من المنجزات!؟أحد المواطنين من الأوراس الأشم أبلغني أن هناك معركة كبيرة بين أبناء المسؤولين في الحكومة وولاية الجزائر حول الظفر بصفقة معالجة النفايات في عاصمة البلاد .. فهناك من قدم مشروعا لإنجاز مصنع لتوليد الكهرباء من النفايات المنزلية تقدم به الكنديون وبتمويل كندي .. ورفضه المسؤولون الجزائريون على مستوى الحكومة والولاية وأرادوا إنجاز نفس المشروع مع الإيطاليين بشراكة مع أبنائهم الذين يملكون شركات نظافة في العاصمة، ويتم المشروع بتمويل جزائري، أي من البنوك الجزائرية، تماما مثلما حصل في الطريق السيار شرق غرب، حيث رفض المشروع الأمريكي الذي يقترح إنجاز الطريق السيار شرق غرب بـ7 ملايير دولار بتمويل أمريكي، ولكن رفض المشروع وتم إنجاز الطريق بتمويل من الخزينة الجزائرية بثلاثة أضعاف السعر، ولم يتم الانتهاء من إنجاز المشروع حتى الآن.هذه المعركة حول (الزبالة) في العاصمة لا تشبهها سوى المعركة الجارية بين رجل الأعمال ربراب وبارون آخر مول مصنع استخلاص الزيوت من حبات الذرة. فقد قام أحد البارونات بتشييد مصنع للزيوت بحبات الذرة في جيجل، وشيد ربراب مثله في بجاية، ولكن صاحب مصنع جيجل له نفوذ فأراد غلق مصنع ربراب في إطار “المنافسة الشريفة”، لأن صاحب مصنع جيجل نافذ في السلطة ولأنه ساهم في تمويل الحملة الانتخابية للعهدة الرابعة وكان وراء الأزمة التي حدثت آنذاك في منظمة أرباب الأعمال ! هذا النافذ وصلت قوة نفوذه إلى حد أنه أصبح يوزع حتى صفحات الإشهار على الصحف التي تساند نفوذه.وعندما يصل الفساد حتى إلى زبالة المواطنين فتلك هي قمة الحكم الراشد الذي نتحدث عنه الآن.

 

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات