تجريد مصانع تركيب السيارات من مزايا الاستثمار

+ -

كشفت مصادر مؤكدة، أن الحكومة قررت تجريد مصانع تركيب السيارات من المزايا الممنوحة إليهم في إطار قانون الاستثمار، في إطار تصحيح جبائي تشرع فيه وزارة المالية، لاسترجاع مبالغ الإعفاءات الضريبية والجبائية.حسب المعلومات المتوفرة، فإن الوزير الأول عبد المجيد تبون، كان قد أمر بتشكيل لجنة وزارية مكوّنة من ثلاثة وزراء، هي الصناعة والمالية والتجارة، إضافة إلى خبراء من الوزارة الأولى، قبل سفره لقمة الاتحاد الإفريقي بأديس أبابا، عاصمة أثيوبيا، لإعداد ورقة طريق يتم بها تصويب "أخطاء مرتكبة في ملف مصانع تركيب السيارات".وكان وزير الصناعة والمناجم، محجوب بدة، قد مهّد إلى هكذا إجراء في تصريحات أدلى بها، بمناسبة اختتام الدورة البرلمانية في 2 جويلية الجاري، عندما قال إن أسعار السيارات الخارجة من مصانع "رونو" و"هيونداي" و"فولسفاغن" مرتفعة جدا، بالإضافة إلى أن أصحاب هذه المصانع يمارسون نشاط الاستيراد المقنّع.وفي هذا الصدد، أوضحت ذات المصادر، أن تبّون أوصى بضرورة التعجيل بالانتهاء من هذا الملف قبل نهاية الشهر الجاري، لوضع حد لما يعتبره "نزيف العملة الصعبة"، من خلال مشاريع تصنيع تحولت إلى استيراد مركبات وسيارات بعجلات وعلب السرعة غير المجمّعة.وتتمثل إجراءات الحكومة في تجريد المصانع الثلاث من الامتيازات الممنوحة في شكل إعفاءات ضريبية وجبائية وجمركية لمدة خمس سنوات، وفرض نظام الحصص عليهم في حال استمر الوضع على ما هو عليه، أي الاكتفاء باستيراد السيارة مفككة من بعض القطع لإعادة تركيبها في الجزائر وتسويقها.ويتعلق الأمر بإعادة إلزام الشركات المالكة للمصانع الثلاثة بدفع الرسم على القيمة المضافة والرسم على النشاط المهني والضريبة على أرباح الشركات (23 بالمائة) والضريبة على بيع السيارات الجديدة (12 مليون سنتيم) والرسوم الجمركية (15 بالمائة) للخزينة العمومية، مع رفض أي شكل من أشكال التساهل مع هؤلاء "المصنّعين" الذين لن يبقى أمامهم سوى اللجوء للعدالة إذا ما أرادوا الدفاع عن مصالحهم.ولمواجهة المصاعب المرتقبة على هؤلاء "المصنّعين"، كشفت مصادر مطلعة لـ"الخبر"، عن عقد مكتب جمعية وكلاء استيراد وبيع السيارات، الخميس الماضي، اجتماعا تمت فيه مناقشة "المشاكل" التي تعترض نشاطهم، خاصة بعد أن تكبّد العديد منهم خسائر معتبرة بعد فرض الحكومة "نظام الكوطة" على مستوردي السيارات بتحديد سقف هذه السنة بـ25 ألف سيارة فقط موزعة على مختلف العلامات.ومما تسرب من الاجتماع المذكور، أن انقساما وقع بين الوكلاء إلى فريقين، الأول يقوده كل من أصحاب مصانع رونو وسوفاك وهيونداي، والثاني يمثله مجمع حسناوي وعشايبو اللذان تم إقصاؤهما من اعتماد إنشاء مصانع التركيب. ومن النقاط التي اختلف حولها المجتمعون، رفض الضغط الذي تمارسه الحكومة عليهم من أجل تخفيض الأسعار، متحججين بأن المصانع الثلاثة تصلها يوميا آلاف الطلبيات بالشراء، مما يجعل فكرة الرضوخ للضغوط غير مبررة.وفي الوقت الذي تبدو المواجهة بين الحكومة ومصنع "سوفاك- فولسفاغن" في ولاية غليزان، و"طحكوت-هيونداي" في ولاية تيارت، سهلا بالنظر إلى أن الحكومة غير مرتبطة بأي اتفاق مع الصانعين أو حكومتيهما، فإن المواجهة ستكون قانونية وحامية مع مصنع "رونو-الجزائر" بوهران، كونه جاء نتيجة مفاوضات مع الحكومة الفرنسية، التي تعتبر في هذه الحالة الضامن للمشروع!وتسعى الحكومة من خلال إعلانها "الحرب" على مصانع تركيب السيارات، لإيجاد حلول تنتهي بتخفيض أسعار السيارات، وهو هدف أعلن عنه وزير الصناعة والمناجم، الذي يبدو أنه لم يحسب حساب ما سيصيب المستوردين من أعباء وتبعات قانونية، خاصة وأنهم برضوخهم لهذا القيد، سيضعون أنفسهم في قفص الاتهام بتضخيم الفواتير وتهريب العملة الصعبة في عمليات توطين بنكية مشبوهة.كما ستؤدي هذه الضغوط على الوكلاء، في ظل غياب بديل ينتفع منه أغلبية الجزائريين الراغبين في اقتناء سيارات، كإعادة فتح باب استيراد السيارات المستعملة (أقل من 3 سنوات)، إلى شلل في حركة سوق قطع الغيار وأنشطة المناولة التي تم التعاقد معها لتزويد مصانع تركيب السيارات الحالية، ويعيد الجميع إلى نقطة الصفر، لتتحمل الحكومة بعدها مسؤولية كبرى في إيجاد التبريرات المقبولة، خاصة وأن البلاد على أبواب استحقاقات سياسية وانتخابية هامة، تشكّل على ما يبدو "السيارة" وقودا لحملتها المبكرة بين أقطاب السلطة.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات