+ -

لغط كثير يثار هذه الأيام حول ارتباك السلطة في ترتيب أمور الحكومة، فتكليف سلال بمشاورات تشكيل الحكومة بعد الانتخابات ثم إنهاء مهامه وتعيين تبون رئيسا للحكومة لمدة أسابيع، ثم إنهاء مهامه في ظروف مضحكة! بالإضافة إلى تعيين وزير لمدة أيام ثم إنهاء مهامه، ثم تعيينه ثانية لمدة ساعة ثم إنهاء مهامه! دون تقديم أي شروحات عما حدث ويحدث، كل ذلك يدل على أن الفوضى الحاصلة في السلطة تتعلق بصراع صامت يخص تحضير انتخابات 2019 قبل موعدها أو في موعدها، ولكن بترتيبات سابقة تقدم ضمانات لانتقال سلس وسلمي للسلطة..أولا: كل الناس تعرف أن عهدة خامسة لبوتفليقة أصبحت شبه مستحيلة، لأن السلطة أصبحت في حاجة إلى رئيس يركض عبر البلاد والعالم طولا وعرضا لإقناع الناس بالإجراءات التي تتخذها السلطة بفعل الأزمة الاقتصادية، وأن هذه المهمة لا يمكن أن يقوم بها أي واحد نيابة عن الرئيس، كما كان الأمر في العهدة الرابعة وفي نصف العهدة الثانية، لأن الأموال التي كانت متوفرة في نهاية العهدة الثانية وبداية الرابعة، والتي جعلت من سلال وغيره رئيسا بالنيابة عن الرئيس، لم تعد موجودة، والرئيس وجهازه في الحكم لم يعد باستطاعته التحكم في الأمر، فالإدارة أصبحت مفككة وولاؤها للرئيس غير مضمون، والدليل على ذلك تعيين ولاة لمدة شهر كوزراء ثم عزلهم! والأحزاب السياسية الموالية أصبحت هي الأخرى عبئا على السلطة نفسها، من خلال الانتخابات التي خاضتها وحصلت على مقاطعة وصلت إلى 90%، رغم أنها ترشحت ببرنامج الرئيس، وبذلك أنهت شرعية الرئيس نفسه وليس شرعية البرلمان.. الجيش أيضا يكون قد ضاق ذرعا بالرداءة والفساد والجهوية التي تحكم البلاد، ولم يعد باستطاعته الاختباء خلف الشرعية للمؤسسات لأجل حماية ودعم حكم وصل إلى هذه الحدود غير المقبولة.ثانيا: الحديث عن عهدة خامسة للرئيس معناه الحديث عن عهدة ثالثة لأخيه السعيد! لأنه عمليا، فإن الرئيس لم يعد يحكم البلاد منذ بداية العهدة الثالثة.. وأخلاقيا، فإن الدستور يمنع حتى عهدة ثانية للسعيد، فما بالك بعهدة خامسة لأخيه ويمارسها هو مكانه وباسمه.ثالثا: حال البلاد سياسيا وماليا ومؤسساتيا يشبه حالة مصر في آخر أيام مبارك، فقد كان جمال مبارك يركز على مسألة التوريث، بحجة أنه الفرصة الوحيدة لإبعاد العسكر عن الحكم، وأن مبارك جمال هو الفرصة الوحيدة للمصريين لتمدين الحكم! تماما مثلما يتحدث الناس أشباه السياسيين اليوم عن مسألة تمديد البوتفليقية عهدة أخرى، سواء عبر العهدة الخامسة، أو عهدة أولى لأخيه، وهي في الحقيقة العهدة الثالثة له، أو عهدة أولى للرئيس حسب الدستور الأخير، وهي في الحقيقة عهدة خامسة.فالبوتفليقية لا تواجه صعوبة في التمديد بسبب رغبة المؤسسة العسكرية في استرجاع الأمانة من الرئيس، بل تواجهها صعوبات أخرى أكثر حدة من الجيش، وتتعلق بالنتائج المحصلة لحكم بوتفليقة طيلة 20 سنة كاملة.. فالاقتصاد منهار والمؤسسات الدستورية نخرها التزوير وعدم الشرعية.. والفساد في تسيير البلاد بلغ مستويات قياسية لم تعد تحتمل، ووضع البلاد الدولي والإقليمي أصبح يبعث على الضحك من الناحية السياسية والدبلوماسية.. لكن الأكيد أن الجزائر لن يحكمها لا مرسي ولا السيسي ولن تعرف ثورة فايسبوكية؟!

 

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات