المسرح الجزائري يستنجد بـ "نضال" الشباب!

+ -

ازدادت معاناة الفن الرابع في السنوات الأخيرة، وباتت خشبة المسرح الوطني والمسارح الجهوية، شبه عاجزة على استقطاب الجمهور وسط ضبابية المشهد الاقتصادي الذي تعاني منه البلاد، إلا أن جهود عدد من الممثلين الشباب المؤمن برسالة الفن، تخطت عتبة اليأس لترسم بعض العروض المنتجة بإمكانيات ذاتية، عروضا استطاعت العبور باسم الجزائر إلى الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط.وعود المسؤولين .. "ذر الرماد في العيون"المتابع للمشهد الثقافي الجزائري، يلاحظ بأن أنجح الأعمال اليوم، تلك التي تأتي بمبادرات الشباب الفردية، لتوجّه صفعة لسياسة "عقيمة" لم تعد قادرة على خلق مناخ يحفظ للفن والمسرح الجزائري كرامته وتاريخه، وذلك بعد الإعلان الرسمي لفشل الأعمال التي أنتجت في إطار تظاهرة قسنطينة، وتأكد استفادة عدد من الشركات من ريع وزارة الثقافة، بينما كان يجلس عنده في الصف الأول المسؤول الفلاني أو الوزير العلاني، يصفقون بـ "بلاهة"، ثم يغادرون المقاعد ليلتفتوا إلى مصالحهم الخاصة.هكذا تواصل تصريحات المسؤولين "ذرّ الرماد في العيون"، بوعود وتصريحات تعكس هشاشة السياسة وغياب وتغييب للأهداف مقابل تعليق الفشل في كل مرة على شماعة "التقشّف".ألقوا بالمسرح للشارع يحتضنه الجمهورفي ظل هذه الأجواء المتخمة بـ"اللامبالاة" ورمي كل واحد الكرة في مرمى الآخر، نجد بعض المبادرات والجهود الفردية التي ترفع لها القبعة، هي أعمال مسرحية تنطلق من الشارع الجزائري بأفكار جزائرية وإمكانيات جد ذاتية للشباب العاشق للفن الرابع، حيث يتدفق المسرح إلى شوارع الجزائر بفضل طاقة الشباب المؤمن برسالة الفن، وهم مجموعة من خريجي معهد التمثيل ببرج الكيفان، لم يجدوا ضالتهم في دفاتر المسؤولين، ليقرروا التوجه بنصوص كتبوها بعناية وحرفية كبيرة، وسعوا للبحث عن موارد خاصة لتمويل مشاريعهم المسرحية، وذلك بعد أن بحّ صوتهم في مناشدة المسؤولين الدعم ومساعدتهم في تكاليف السفر، ومن بين هذه المبادرات عرض"غريبة" الذي تقدمه الممثلة الجزائرية الشابة ليلى توشي، رفقة زملائها في تعاونية "براكزيز للمسرح"، منهم الممثل الشاب أحمد زيتوني الذي عرفناه في دور "لقمان" في مسلسل "عاشور العاشر"، الذين قرروا التوجه إلى الجمهور والاقتراب منه وجس نبضات قلبه ومداعبة مشاعره في الساحات العمومية، فقدموا عدة عروض في الشارع، وهم اليوم أمام محطة دولية جديدة لعرض "غريبة" حط الرحال في ساحة باب الواد بالجزائر مقابل زرقة البحر ليمنح المصطافين القادمين من عدة ولايات فسحة للثقافة والإبداع. وقد نجح العرض في الوصول إلى واحد من أهم المواعيد المسرحية في العالم، وهو الدورة 69 لمهرجان "أوريلاك" الدولي لمسرح الشارع بفرنسا، وهو موعد سنوي تلتقي فيه عدة عروض من العالم.لا يأس ولا فشل رغم غياب المساندة والدعم الماديتعتبر مسرحية "محنتي ضرّتي"، واحدة من العروض المسرحية الواعدة التي يقف خلفها شباب جزائري محترف للمسرح والتمثيل، التي يتم التحضير لها حاليا، من إخراج زروق نكاع ونص آمال بن عمرة وتمثيل الخامسة مباركية وأمال بن عمرة، في قالب كوميدي درامي يعالج موضوع "الضراير"، زوجتان لرجل ثري، الأولى بنت الريف ذات مستوى تعليمي ضعيف، والثانية بنت المدينة ذات مستوى تعليمي جامعي ودرست التمثيل وتحلم بأن تصبح نجمة.وقد أصر فريق المسرحية من الشباب على تقديم العمل وتمويله بإمكانياتهم الخاصة، دون انتظار أي دعم من وزارة الثقافة، كما تقول الممثلة الشابة الخامسة مباركية لـ"الخبر": "التقشف مسّ جميع المجالات، لكن لماذا كان تأثيره قويا على الفن أو الفنان بصفة خاصة بالضبط". وأضافت: "عندما يتعرض الفنان إلي التهميش يستطيع أن يحضر ملحمة وليس فقط مسرحية، هذا هو الشيء أو الدفاع الذي جعلني وزميلتي بن عمرة للعمل في هذا المشروع، بالرغم من أنه متعب وكل المسؤولية على عاتقنا ولم نجد مساندة مادية ولكننا لم نرفع راية اليأس".غياب رؤية للدعاية والترويج والتحفيزمن بين أبرز المشاكل التي يواجهها المسرح الوطني، هو غياب الدعم الإعلامي والإشهار والدعاية، كما تقول الممثلة الخامسة مباركية: "عندما نذهب لولاية ما من أجل عرض مسرحي لا يوجد جمهور لأنهم لم يتحدثوا في الإذاعات ولم يعلّقوا ملصقات إشهارية للعرض". أما عن نقص التكوين، فهي الطامة الكبرى حسب جميع الممثلين الذين تحدثنا إليهم، فأغلب الممثلين في الجزائر ليسوا خريجو معاهد التمثيل، بل هواة ولكن يمارسون التمثيل منذ الصغر، كما توضّح الممثلة أن هذا المشكل يكبر كل يوم بسبب آخر وهو ضعف الإنتاج: "لأن الفنان يجب عليه العمل طول العام، ليس فقط شهر أو شهرين أو شهر رمضان".مسرحيو 2016 و 2017 لم يتحصلوا على مستحقاتهم بعدانعكست سياسة الإدارة التي تنتهجها وزارة الثقافة على المشهد المسرحي وعطّلت الكثير من العروض، وهو ما لا يخفيه مدير المسرح الوطني الجزائري محمد يحياوي. مشيرا في تصريح لـ"الخبر": أن وزارة الثقافة عازمة على تمويل كل الأعمال المسرحية التي عرضت سنتي 2016 و2017 بالنسبة لكل الفرق التي كانت أعمالها مقبولة في اللجنة وتوجد ملفاتها على مستوى وزارة الثقافة، حيث لم يتحصل المعنيون بالاستفادة والدعم عامي 2016 و2017 على مستحقاتهم لتمويل مشاريعهم. وقال المعنيون "ستستفيد من مستحقاتها بمجرد أن تستلم الوزارة كل الأموال الخاصة بهذه الأعمال، منها أعمال مسرحية، عروض كوريغرافية، جولات فنية وغيرها".

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات