+ -

إبداعات عديدة في الرداءة تفتقت عنها عبقرية القائمين بالحملة الانتخابية للمحليات، ومن هذه العبقريات ما يأتي:أولا: المواطنون في العديد من البلديات لاحظوا أن صور المرشحين لا تستحق أن تعلق، وأن بعض الأحزاب استحت من تعليق صور مرشحيها وخاصة المرشحات، لأسباب دينية أو أخلاقية! فقام المواطنون بتعليق “صاشيات الزبالة” مكان صور المرشحين في الأماكن المخصصة لنشر صور المرشحين!الدلالة الإحائية الأولى هي أن “صاشيات” الزبالة أفضل من بعض المرشحين، لكن الدلالة السياسية العميقة في هذا التصرف الشعبي للمواطنين، هو برنامج المرشحين للبلديات ينبغي أن يبدأ بمكافحة الزبالة التي تغمر المدن الجزائرية! اللفتة ليست هينة، خاصة إذا علمنا أن الرئيس التركي أردوغان سطع نجمه في الانتخابات عندما انتخب رئيسا لبلدية إسطنبول، وكانت وقتها إسطنبول أقذر مدينة في العالم.. فوضع خطة لتخليص المدينة من الزبالة، وأصبحت إسطنبول بعد عهدة واحدة لأردوغان على رأس البلدية من أنظف مدن العالم. وهذا النجاح هو الذي فتح له الطريق نحو رئاسة تركيا وتحقيق ما حقق لهذا البلد. إذن حكاية “صاشيات” الزبالة لها دلالة كبيرة تتجاوز الفكرة المحدودة التي توحى للناظر في أول وهلة.ثانيا: في بلدية من بلديات العاصمة، لاحظ المواطنون أن أحد الأحزاب لم يجد ما ينشط به حملته الانتخابية غير وضع شريط لخطاب الرئيس بومدين رحمه الله! وكأن هذا الحزب، الذي يدعي أنه حزب في الحكم وسيبقى فيه، لا يعجبه برنامج رئيس الجمهورية الذي هو رئيس هذا الحزب، فقرر الاستعانة ببرنامج رئيس في المقبرة والذي هو بومدين! هكذا هي السياسة في الجزائر، تفرقها الحياة وتجمعها المقابر!بلد مثل الجزائر، لم تعد فيه مكانة للعمل السياسي في المؤتمرات والاجتماعات وفي الحكومة والبرلمان، ولم يعد المصنع والمزرعة والجامعة والمدرسة والمستشفى مجالات للتنافس والتلاقي بين السياسيين، بل أصبحت المقابر والجنائز هي المكان المفضل للتلاقي وحل المشاكل بين الفرقاء! وهذا في حد ذاته إبداع جزائري في العلوم السياسية يجب أن تستفيد منه الإنسانية في حل مشاكلها، فلم يعد للمثل القائل “البكى عند رأس الميت” له معنى، بل أصبح “الاتفاق عند رأس الميت” هو الذي له معنى[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات