+ -

إلى الأخ سعد.. في البداية أشكرك على كتاباتك الشجاعة في فترة أصبح فيها الشجعان يعدون على أصابع اليد الواحدة، لقد جذبت بكتاباتك وتحليلاتك التي هي قطيعة كاملة مع الرداءة والمهادنة التي غرقت فيها هذه المهنة النبيلة.بعد تفكير قررت أن أكتب لك وأطرح عليك بعض الأسئلة التي تخص الوضع الذي تعيشه البلاد.بالطبع، عايشت عدة مراحل وعرفت محنا وتجارب جعلت منك الشاهد المفضل على حقبة من تاريخ وطننا. كيف وصلنا إلى هذه الحالة التي نعيشها؟! بلدنا يستقبل رئيس دولة، القوة العظمى التي كانت تستعمرنا، ويسمح له بعقد ندوة صحفية يتحدث فيها للصحافيين لوحده.لماذا هذا البلد الذي حباه الله بكل شيء، من التاريخ إلى الجغرافيا، والذي كان بإمكانه أن يكون أكبر من قوة إقليمية، أصبح حاله كما هو اليوم؟!لماذا يقدم هؤلاء هذه الصور البائسة للعالم عن البلد؟! لماذا يستثمر هذا النظام في الفشل طول الوقت حتى أصبح بلدا حاضنا للفشل! لماذا كل شيء فشل في هذا البلد سوى الرشوة؟! لماذا نرى تجارب رائعة في الصحافة البديلة في الدول الأخرى، في حين عندنا الجميع أصابته الغرغرينة؟!مع كل الاحترام، اسمح لنفسي بأن أطرح عليك أسئلة أخرى: أليست الأزمة سببها هذا النظام الذي ما يزال يسيّرنا بعقلية الأزمة العابرة؟ أعرف أنني لن أجد كل الإجابة لأن ذلك يتطلب عملا كثيرا لك.. لكن على الأقل ككل وطني، قلبي يؤلمني عندما أرى بلدي في هذه الوضعية.قابلت وحاورت شخصيات من كل الكرة الأرضية، من مستشار مانديلا إلى مستشار باراك أوباما، مرورا بمثقفين مدنيين وعسكريين وأساتذة الجامعات وكتاب ونشطاء.. كل ذلك في ممارسة مهنتي، والحيوية التي وجدتها عند هؤلاء لم أجدها عند نظرائهم في بلدي الواقع تحت تأثير العصب.متى إذن ينتهي هذا الليل الطويل؟! لا شيء يعمل بصورة عادية؟! الكل مستلب ويشتغل بالمعكوس، والكل يرى هذا الوضع عاديا؟! أن تكون وطنيا في جزائر اليوم هو تحد غير مناسب. نتمنى لأبناء وطننا أن يعرفوا مخرجا أفضل من ذلك الذي يؤدي بهم لأن يكونوا طعاما للحوت في مياه المتوسط؟!كما قلت فيما سبق.. أنت شاهد مفضل على العلاقة بين مهنة الصحافة في الجزائر ومصدر القرار في السلطة السياسية.. واسمح لنفسي بأن أسألك: هل فكرت في كتابة مذكراتك... وإذا هذا وارد، فإنني التزم بنقل ذلك إلى القراء الأمريكان وكذلك عبر العالم.تشجيعاتي على ما تقوم به.. لأن الريشة هي الخط الأخير في مواجهة العدمية.. تحياتي الأخوية.محسن عبد المؤمن: كاتب عمود وممثل الجريدة الأمريكية “هيرالد تريبون” - بروكسل

 نعم، أسئلتك في العمق وهي صريحة ومحرجة، وهي فوق مستوى أن يجيب عنها صحفي مثلي.. فهي فعلا تشغل البلد ومحيطه. أما مسألة كتابة المذكرات فإني أفكر فعلا في الموضوع.. لكن أخاف من ردة الفعل.. لأن كتابة المذكرات يجب أن يكون سقف مستواها في قول الحقيقة أعلى من السقف الذي أكتب فيه الآن كشاهد على الأحداث، فهل يتحمل الوضع كتابات بهذا السقف، لست أدري؟!

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات