+ -

واضح أن الصراع السياسي في سرايا الحكم قد بلغ مداه، وأصبحت مظاهره في الشارع تهدد الوحدة الوطنية وليس الاستقرار الوطني فحسب.1- جزء من السلطة ركب موجة التضامن مع الشعب الفلسطيني في مسألة القدس، واستغلال شعبية هذه القضية... ووصل الحال بهذا الجزء من السلطة إلى حد التنازل عن منع المظاهرات في الجزائر بواسطة إجراء عطّل العمل بالدستور لسنوات في هذه المسألة... بل ودعا هذا الجزء من السلطة إلى تنظيم تجمّع في القاعة البيضوية في العاصمة وفي الولايات ودعم هذه المظاهرات... وانخرط الإعلام العمومي الرسمي في الدعوة إلى مثل هذه المظاهرات، ربما للتغطية على الموقف المحتشم الذي وقفته الجزائر من المسألة، حتى لا تحرج نفسها مع أمريكا والسعودية ومصر الذين يدعون إلى المهادنة. وفي نفس الوقت، تكسب الشارع الذي يغلي بسبب هذه المسألة.2- جزء آخر من السلطة أراد الاستثمار سياسيا في مسألة ترقية الأمازيغية، فتحركت مظاهرات لافتة للانتباه في عدة ولايات، وخاصة منطقة القبائل، تطالب بترجمة ما جاء في الدستور حول ترسيم الأمازيغية إلى إجراءات عملية تخص التدريس والتمكين الإداري لهذه اللغة الرسمية دستوريا.ولا يحتاج المتابع الفطن إلى كبير عناء لمعرفة أن ما يجري حول القدس والأمازيغية في الجزائر، بهذه الصورة الثنائية السلطوية والشعبية، له علاقة مباشرة بترتيبات رئاسيات الربيع ما بعد القادم.والمسألة بدأت على مستوى القدس بما قام به ترامب... لكن على مستوى الأمازيغية بدأت بعد زيارة ماكرون مباشرة... لأن ماكرون قال إنه سيعود إلى الجزائر في نهاية 2018، أي قبل الانتخابات الرئاسية بشهور! وقدم ماكرون قضية عودته إلى الجزائر في هذا التاريخ على أنه قرار منه ولا علاقة له باستعداد الجزائر لاستقباله في هذا التاريخ أو لا!والأمر هنا قدم من ماكرون على أنه قرار سيادي له ولا علاقة لسيادة الجزائر بالموضوع. ماكرون لم يقل هذا الكلام من فراغ، فقد لاحظ الشرخ القادم في سرايا الحكم حول قرار الرئاسيات القادمة... وأن الأمر ناقشه ماكرون مع المعنيين ولم يصل فيه معهم إلى قرار قاطع، وبالتالي قرر العودة بعد عام! وكأنه ليس له ما يعمل في فرنسا غير تسيير الشأن السياسي في الجزائر! وعلى كل حال، نحن الذين أوصلنا بلدنا إلى هذه الحالة.

[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات