اتحاد الكتاب الجزائريين..11 سنة من الرداءة "بركات"

38serv

+ -

يعيش اتحاد الكتاب الجزائريين،في السنوات الأخيرة،وضعا مزريا على جميع المقاييس،كما أجمع عدد من الكتاب والمثقفين الذين تواصلنا معهم،حيث أصبحت طريقة تسيير الاتحاد من طرف رئيسه الحالي يوسف شقرة،تطرح الأسئلة و تثير الغضب،وتدفع بالكتاب لهجرة الاتحاد، في ظل الغياب التام للنشاطات الثقافية مقابل استمرار الإدارة الحالية للاتحاد لمدة عقدين من الزمن، دون تقديم أي شئ للأدب و الثقافة في الجزائر.يمر اتحاد الكتاب الجزائريين،بوضعية صعبة جدا، تعتبر الأكثر تعقيدا في تاريخه منذ تأسيسه الفعلي سنة 1972 بمبادرة مجموعة من الكتاب الشباب في ذلك الوقت،منهم أحمد حمدي و جروه علاوه وهبي وعبد العالي رزاقي ويوسف سبتي، و قد مر اتحاد الكتاب بعدة مراحل، و حسب الموقع الرسمي الإلكتروني للاتحاد،فقد تعاقب على رئاسته ثماني شخصيات، كان أولهم الكاتب الراحل مالك حداد ثم الشاعر بلقاسم خمار، والدكتور العربي الزبيري، ثم الروائي رشيد بوجدرة و الشيخ بوعمران والوزير الحالي للثقافة عز الدين ميهوبي ثم الكاتب عبد العزيز غرمول، و أخيرا الشاعر يوسف شقرة،الذي يواجه انتقادات كبيرة و تحديات أكبر في السنوات الأخيرة.فاليوم لم يعد مقر اتحاد الكتاب،قادرا على أن يكون قبلة للأدباء الجزائريين،و قد كانت حجة الرئيس الحالي للاتحاد يوسف شقرة،هو أشغال الترميمات للمقر الكائن بشارع ديدوش مراد بالجزائر العاصمة،و قد مضت عدة أشهر على إعادة فتح أبواب المقر، و لكن حال النشاطات الثقافية،ظل على ما هو عليه، و لم يتم تنظيم لقاءات ولا ندوات ولا اجتماعات قادرة على جمع المثقفين و إصلاح البيت الثقافي من الداخل، وقد أجمع كل من تحدثنا إليهم من كتاب و روائيين، على أن استمرار نشاط اتحاد الكتاب، بصورته الحالية أصبح "أمرا مستحيلا"،و يحتاج إلى خارطة طريق جديدة.الروائي مرزاق بقطاش:"اتحاد الكتاب تجاوزه الزمن و لا أعرف رئيسه اليوم"أعرب الكاتب مرزاق بقطاش، عن استيائه للوضع الحالي الذي يعيشه اتحاد الكتاب،و قال بقطاش أن اتحاد الكتاب الجزائريين في صورته الحالية"تجاوزه الزمن"، ودعا إلى تحويله إلى جمعية كما أوضح:"فكرة الاتحاد سياسية بالدرجة الأولى و لا تخدم الراهن الأدبي و الثقافي".و يعتقد بقطاش بضرورة إنشاء جمعية تضم شتات الكتاب والأدباء، حيث تكون الطريق الأسهل لحل المشاكل و الخلافات.وعاد بقطاش للحديث عن كيفية إنشاء اتحاد الكتاب، مشيرا إلى فكرته الأولى كانت مع الكاتب الراحل مولود معمري في مدينة فاس بالمغرب سنة 1959، حيث التف الكتاب الجزائريون حول فكرة الاتحاد من أجل دعم الثورة،و بعد الاستقلال حاد الاتحاد عن أهدافه و تحول إلى ما يشبه بوق للنظام بعد أن سيطر عليه حزب جبهة التحرير الوطني، كما أشار بقطاش:"بسط الأفالان يديه على الاتحاد و استولى على كل شئ ،حتى أصبح ناطق باسم سياسية الحزب الواحد".و أضاف الكاتب الجزائري:" لكن كان أعضاء الاتحاد تابعين للأفالان أكثر من تبعيتهم للأدب و الفكر الجزائري، يخدمون أنفسهم والأفالان أكثر من خدمة الثقافة".و حسب الكاتب،فإن تأسيس جمعية على غرار ما يحدث في العالم الغربي، بإمكانه إعادة إحياء نشاط الكتاب الجزائريين،و حمايته من الحسابات الضيقة،كما خلص بقطاش:"لا أعرف اسم رئيس اتحاد الكتاب اليوم،و لكن هذا الاتحاد لا يقدم شئ اليوم،لا نشاطات و لا اجتماعات و لا طباعة كتب و لا أفكار".الكاتب و المؤرخ العربي الزبيري :"هناك أعضاء في الاتحاد لا علاقة لهم أصلا بعالم الكتاب "دعا الكاتب العربي الزبيري إلى عقد لقاءات بين المثقفين من أجل وضع حد للصورة التي أصبح عليها اتحاد الكتاب الجزائريين في السنوات الأخيرة،و قال العربي الزبيري أن الوضع القائم نتيجة لعدم وجود لقاءات و اجتماعات لدراسة الوضع ،و أكد أن هناك غياب لنشاطات الاتحاد،و تساءل "أين هي المهرجانات التي كان ينظمها الاتحاد سابقا"،فقد كان هناك أحد عشرة مهرجانا ينشط عبر الوطن تحت سقف الاتحاد منها مهرجان الأدب الثوري و القصة و نشاطات هامة كان يقدمها اتحاد الكتاب، وأرجع الكاتب مشكلة الاتحاد إلى مشكلة الجزائر و مؤسسات الدولة بشكل عام.و تحدث العربي الزبيري عن الآليات التي كان يتم من خلالها قبول عضوية الأشخاص المترشحين للاتحاد،و قال أنه في السابق كان هناك شروطا صارمة لقبول العضوية ، و لكنها اليوم لم تعد كذلك ، وأوضح الكاتب أن أزمة اتحاد الكتاب ترجع أيضا للميزانية و الدعم كما قال:" لا ألوم المسؤوليين اليوم على الاتحاد و لا يمكننا محاسبتهم و لكن أتمنى أن نجد الطريق للخروج بالاتحاد إلى بر الآمان"من أجل أن يكون أداة ثقافية فكرية . وأرجع أزمة اتحاد الكتاب إلى مؤتمر سكيكدة نظم بإيعاز من رئيس الحكومة حينها وواجه رفضا من الأعضاء الذين وقعوا عريضة ضده.الكاتب محمد ساري :"الكاتب الجزائري بحاجة إلى نقابة حقيقة تدافع عنه"قال الكاتب و المترجم محمد ساري أنه :"ينبغي وضع حل مستعجل للوضع الذي يعيشه اتحاد الكتاب الجزائريين"،مشيرا إلى أن هذه الوضعية التي هو عليها منذ حوالي ثلاثين عاما،جعلت من المستحيل الحديث عن اتحاد للكتاب الجزائريين قادرعلى حفظ كرامة الكتاب والمبدعين الجزائريين، ووضعهم في خارطة الكتاب العرب.فبالنسبة للمترجم الدكتور محمد ساري، فقد أصبح من المستحيل أن يضم اتحاد الكتاب اليوم جميع الكتاب الجزائريين، بمختلف أفكارهم ومشاريعهم وأرائهم،كما قال:"لا أتكلم هنا عن الأمزجة و الصراعات الشخصية و لكن أتكلم عن الأفكار"، لهذا يعتقد محمد ساري أنه:"بات من الضروري تحويل اتحاد الكتاب إلى نقابة تدافع عن الكتاب"، كما قال:"يجب أن يكون هناك نقابة للكتاب الجزائريين، تسجل مواقفهم من القضايا وتدافع عن حقوقهم كمثقفين".و عن الوضعية الحالية التي يعيشها اتحاد الكتاب، فقد أوضح ساري أن الصراعات على القيادة يجب أن تخضع في النهاية إلى الانتخابات والتصويت من قبل الأعضاء المنخرطين، كما قال:"الديمقراطية هي من تحدد الرئيس"، وأوضح :"نفضل أن يكون على رأس الاتحاد كاتبا له اسمه و معروف في الساحة الأدبية العربية، ما يعني تسهيل مهمة الكتاب عندما يتكلم باسمهم كاتبا معروف و له باع في الثقافة".و لكنه أشار في المقابل إلى أن هذا الأمر ليس شرطا، و إنما ميزة، و أوضح:"من الممكن لكاتب بسيط أن يسير الاتحاد أحسن من شخصية معروفة" وعاد ساري إلى دفاتر تاريخ الاتحاد ليوضح كيف كان حاله في عهد الكاتب رشيد بوجدرة :"لم يكن بوجدرة من يسير كل الأمور و لكن حضوره كاسم له كان له وزن كبير وإضافة هامة للاتحاد"و قال:"أتذكر أننا حينما أردنا لقاء الوزير يوما ما، و عندما سمع الوزير أن رشيد معنا، خرج لينتظرنا أمام الباب، لقد خرج الوزير حينها لانتظار رشيد بوجدرة و ليس اتحاد الكتاب".و حسب ساري فإن هناك عشرات الجهود للكتاب الجزائريين الذين يعملون بشكل مستقل بعيدا عن اتحاد الكتاب، و يحققون إنجازات، و لكن من حق كل هؤلاء أن يكون هناك لهم تنظيم للمثقفين ينظم و يحمي حقوقهم داخل الجزائر.و أكد محمد ساري أن المشكلة اليوم في اختيار الأسماء، تكمن في أن عددا كبيرا من الكتاب و الروائيين الجزائريين، يرفضون المناصب،على عكس حاله بعد أحداث أكتوبر 1988،حيث التف كل الكتاب حول الاتحاد  ورفضوا أن يكون بوقا للأفالان حينها.الروائي رشيد بوجدرة :"أنا مستاء جدا و منزعج لوضع اتحاد الكتاب"عبر الروائي رشيد بوجدرة عن استيائه للوضع الذي يعيشه اتحاد الكتاب اليوم و قال بوجدرة الذي تولى منصب الأمين العام للاتحاد سابقا:"أنا جد مستاء و حزن لما يحدث لاتحاد الكتاب الجزائريين"و أضاف:"صراحة لم يعد يوجد اتحاد للكتاب الجزائريين اليوم،هناك هيكل إداري فقط، لا نشاطات ولا ندوات و لا أفكار يحملها اتحاد الكتاب و لا مواقف".و أضاف:"مسألة التسيير كانت مطروحة دائما، ولكن مسألة النشاطات لم تكن يوما بهذا السوء الذي يعرفه اتحاد الكتاب"،حيث تولى بوجدرة منصب الأمين العام لاتحاد الكتاب في وقت كان فيه الاتحاد يعرف التفافا كبيرا من طرف الأدباء  والروائيين على رأسهم بن هدوقة ،  وتسأل بوجدرة عن طريق تسير اتحاد الكتاب اليوم:"كيف يقوم رئيس اتحاد الكتاب و فريقه الإداري اليوم بتسيير الاتحاد منذ عشرين سنة دون تجديد للأعضاء".و أعتبر بوجدرة أن الاتحاد بحاجة ملحة اليوم، لعقد مؤتمر عام من أجل تحديد الأشخاص الذين يسيرون الاتحاد بشكل ديمقراطي،مشيرا إلى أن الوضعية الحالية لم تعد تطاق، في ظل الغياب التام للنشاطات الثقافية، في مقابل ذلك :"يستغل المشرفون على الاتحاد تلك السلطة لأغراض السياحة الخاصة بين البلدان العربية بطريقة مبالغ فيها"،على حد قول بوجدرة. حيث يفترض أن يكون هو الهيئة التي تضم كل الكتاب الجزائريين، والتي تمثلهم داخليا وخارجيا"، حيث يفترض أن يكون الجهة المقابلة لوزارة الثقافة، من خلال تقديم الاقتراحات و تقييم الواقع الثقافي،حيث يساهم اتحاد الكتاب في بناء سياسية ثقافية واضحة المعالم، للأسف منذ سنوات لا يزال اتحاد الكتاب يعيش نفس المشاكل التي تعيشها الساحة الثقافية، من فرقة وابتعاد حقيقي عن الواقع الثقافي،الكاتب و الناقد إبراهيم صحراوي:"الاتحاد لا حدث اليوم "يؤكد عضو اتحاد الكتاب السابق، أن الأزمة بدأت أواخر 2005، حيث طفت صراعات بين جناحين على رئاسة الاتحاد، أفاضت الكأس وقال صحراوي أنه قرر الابتعاد عن الاتحاد منذ ذلك الوقت، مشيرا إلى أنه لم يعد يكترث للاتحاد منذ إحدى عشر سنة، بعد أن حاد الاتحاد عن الطريق وأصبح، واصفا إياه :"باللا حدث".و قال إبراهيم صحراوي إن :"وجود الاتحاد اليوم مثل عدمه" فالبنسبة له :"لم يعد يقدم شيئا للثقافة والكتاب الجزائريين"، حيث تقوم :"الإدارة الحالية بالحديث باسم الكتاب الجزائريين رغم أنها لا تحظى بشرعية المثقفين".و أشار صحراوي إلى أن:"اتحاد الكتاب لا يصنع أدبا و لا كاتبا و العضوية في اتحاد الكتاب لا تضيف للكتاب شيئا "، وقال إن القائمين على اتحاد الكتاب اليوم "قضوا على الاتحاد و صورته و مصداقيته"،حيث تعقد المؤتمرات بطريقة شكلية لضمان استمرار الوضع على ما هو عليه.و قال صحراوي الذي اشتغل لفترتين من 1998 إلى 2005 رفقة الأمين العام السابق للاتحاد الوزير الحالي عز الدين ميهوبي، أن انحراف دور الاتحاد عن مساره جاء من أجل إخماد صوت المثقف الجزائري، كما أوضح إبراهيم صحراوي:"الهدف اليوم أن لا يقدم المثقف الجزائري صوته وأن لا يكون له موقف موحد". كما أوضح صحراوي:"من المهم أن يكون للمثقف صوتا موحدا في القضايا الحساسة، وأن يصدر بيانا موحدا، و ليس مواقف فردية" وهذا الأمر :"لم يعد اتحاد الكتاب قادرا على تحقيقه بعد أن أصبح فاقدا للمصداقية".الكاتب و المترجم سعيد بوطاجين :"من المهم إشراك المثقفين في نقاش عام "ظلت العلاقة بين اتحاد الكتاب وعدد كبير من الروائيين والمثقفين الجزائريين، علاقة مشوهة منذ تأسيسه، بل أكثر من ذلك، كما يقول الكاتب الدكتور سعيد بوطاجين:"صراحة لا علاقة لي باتحاد الكتاب،  وإطلاقا لم يحدث منذ تأسيسه أن وجه لي دعوة لتقديم ما يجب تقديمه".وأضاف بوطاجين:"لا تعنيني التشكيلة الموجودة حاليا، لست مؤهلا لانتقاد ما يحدث حاليا لبعد المسافة "، ولكنه أشار في المقابل إلى أنه يأمل في أن يكون في الجزائر اتحاد تمثيلي مشكل من طاقات جزائرية مكرسة عربيا ومحليا  دوليا، له القدرة على تمثيل الجزائرعلى أوسع نطاق.و أضاف الكاتب :"بعيدا عن الصدمات الحالية  وما يقال في الكواليس من تعليقات وانتقادات، أتصور أنه من المهم إشراك مختلف المثقفين في نقاش عام حول الوضع الحالي من أجل تقديم صورة أفضل للكتاب الجزائريين".وقال أن هناك محاولة و إن كانت متواضعة لإحياء اتحاد الكتاب مؤخرا، مشيرا إلى أنه يجب أن يكون هناك إلتفاف حقيقي حول هيئة جامعة تتمتع بالثقة،فما يحدث اليوم هو حال معظم الجمعيات الناشطة في الجزائر التي تعكس الواقع الثقافي الهش،على الكتاب الجزائريين البحث عن أرضية توافقية تسمح لهم بالمبادرة .

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات