+ -

الحكومة الجزائرية لم تعد تتحكم في أي شيء، فالبلاد، فعلا، تسير بالقدرة الإلهية وبعناية الشهداء... فالحكومة لم تعد تتحكم حتى في اجتماعات وزرائها، فمجلس الحكومة لا يجتمع بسبب مراكز القوة التي نشأت داخل هذه المؤسسة الحيوية... فبعض الوزراء يتسردكون على الوزير الأول... وهذا الأخير يضغط على الوزراء الذين يقال عنهم إن أكتافهم بارزة!القرارات الخطيرة التي تخص تسيير الشأن العام في البلاد لا يعرف أحد أين تتخذ؟! والأكيد أنها لم تعد تتخذ لا في الرئاسة ولا في رئاسة الحكومة ولا البرلمان ولا حتى “طاغارا”، كما كان الأمر أيام زمان!المؤسسات الدستورية لا تعمل ولا تجتمع لاتخاذ القرارات الحكومية... وتجتمع فقط للتصوير..البلاد تهتز اجتماعيا من أقصاها إلى أقصاها بالاضطرابات الاجتماعية والحكومة لا يعنيها الأمر... وكأن هذه الأحداث تجري في جزر الباهاماس، حيث تتخذ القرارات خارج المؤسسات الدستورية.. لا تهمهم الاضطرابات الجارية داخل البلاد وعلى نطاق واسع... والمهم أن لا تمتد هذه الاضطرابات إلى العاصمة..! كنا في الماضي لا نعرف من يحكم فأصبحنا الآن لا نعرف من أين نحكم!العاصمة أصبحت مدينة محمية من الشغب السياسي والاجتماعي بقانون الطوارئ غير المعلن الذي اتخذته السلطات خارج القانون وخارج الدستور وخارج المؤسسات لمنع أي مظاهرة أو احتجاج في العاصمة! أي تعطيل العمل بالدستور خارج ما ينص عليه الدستور، رغم أن ذلك يجب أن يتم بقانون يصادق عليه البرلمان وليس بتعليمة من وزير أو شبه وزير لوالي العاصمة... أو حتى قرار من الوالي إلى أجهزة الأمن، يعطل بموجبه العمل بالدستور فيما يخص المظاهرات!يحدث هذا ونواب “الغمة” لا يهمهم الأمر، والمجلس الدستوري لا يهمه الأمر... والناس تتحدث عن احترام الدستور وعن العمل في إطار المؤسسات الدستورية والقانون!في البلدان الأخرى، العواصم هي المجال المفضل للاحتجاجات الاجتماعية والسياسية، في ساحاتها يعبر الشعب عن انشغالاته... يحدث هذا في قلب واشنطن وفي قلب لندن وفي قلب باريس، أما عندنا فمن يريد أن يوصل صوته الاحتجاجي عليه أن يذهب إلى تيزي وزو أو بجاية أو قسنطينة أو وهران... لأن هذه المدن أصبحت العواصم السياسية الفعلية للبلاد، بسبب هذا التسيير السياسي البائس للدستور والقانون في عاصمة البلاد.. والمصيبة أن بعض نواب الأمة والوزراء يعتبرون تعطيل الدستور بهذه الطرق ومصادرة الحقوق السياسية لسكان العاصمة من صميم القانون.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات