+ -

 يتوهم الناس أن هناك انسجاما في الموقف بين أجنحة السلطة في مسألة التعامل بصرامة مع الجبهة الاجتماعية الملتهبة.. وأن موقف الوزارات المعنية بالاضطرابات الاجتماعية مستمد من الموقف العام للسلطة الذي تعكسه السكتة المريبة للرئاسة من هذه الأحداث! فهل يعقل أن تتحرك الرئاسة ضد إجراءات أويحيى لبيع المؤسسات بسرعة البرق لتصحيح الوضع، ولا تتحرك في مسألة الاضطرابات الاجتماعية الخطيرة التي تعيشها البلاد؟ والحال أن بيع بعض المؤسسات لم يكن بنفس خطورة الاضطرابات الاجتماعية على الاستقرار العام، فكيف تتحرك الرئاسة بسرعة في هذه ولا تتحرك في تلك؟يظهر أن الرئاسة تريد دفع الأمور على مستوى الحكومة والوزارات وحتى البرلمان إلى التعفن أكثر من أجل إعطاء نفسها حق التدخل كحكم يصلح الأمور بعد ذلك، وتظهر الرئاسة على أنها تقوم بدورها في إصلاح ما تفسده الحكومة. قد يكون هذا واردا، لكن مواقف وزارات الدفاع والداخلية والتربية والعمل والصحة من الاضطرابات ومواقف الوزير الأول من هذه الأحداث بالصرامة المعلنة يدل على أن هذا الموقف ينبع من مشكاة واحدة، وهي الرئاسة، والدليل أن هؤلاء استخدموا مفردات واحدة في إعلان المواقف، وهو ما يدل على أن ما يصرح به الوزراء والوزير الأول ضد المضربين محتواه صدر عن جهة واحدة وهي الرئاسة بالتأكيد! ولكن قد تكون الجهة التي أصدرت هذه التوجيهات للوزارات والحكومة تقوم بتضليل الحكومة والوزراء لأجل اتخاذ قرارات في مرحلة لاحقة تظهر الرئاسة على أنها تتحكم في الموضوع وتصحيح أخطاء الوزراء! لأنه لا يمكن أن نتصور رئاسة جدية يمكن أن تتخذ موقفا كالذي اتخذته الحكومة ضد هذه الاضطرابات! والجميع يعلم بأن مثل هذا الموقف المتخذ لا يمكن أن يكون قوة للنظام وهو على ما هو عليه من هشاشة وقلة حيلة!كل الناس يعرفون أن أزمة الأطباء لا يمكن أن تحل بالقوة حتى ولو كانت الرئاسة وراء هذه القوة، فالأطباء ليس لديهم ما يخسرون، ففرنسا أخذت قرارا بالسماح للأطباء الجزائريين بالعمل في فرنسا بعد التخرج في التخصص، وألمانيا أيضا عينها على أطباء الجزائر، وهؤلاء يمكن أن يكونوا “حراڤة” من نوع آخر، والخاسر هو الجزائر وطيش حكام الجزائر والأساتذة أيضا وضعهم لا يمكن أن يدفعهم إلى التراجع، والوضع الاجتماعي يدعو كله إلى التصعيد ضد الحكومة ولا حظ لطيش الحكومة في الانتصار على المضربين، فلماذا إذن هذا الطيش؟! التفسير الوحيد هو أن جزءا من السلطة يريد التخلص من جزء آخر من السلطة، وبالتالي تم الدفع نحو التعفن زيادة على إمكانية القراءة الخاطئة للموضوع من طرف السلطة!

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات