+ -

لو صدقنا مزاعم أمريكا وحلفائها في ضرب سوريا بأن الأمر يتعلق بعقاب الأسد على استخدامه الكيماوي ضد معارضيه في ريف دمشق، إذا صدقنا ذلك وقلنا إن الأمر يتعلق بتطبيق القانون الدولي بمنع استعمال الأسلحة المحرمة ومنها الأسلحة الكيمياوية، فماذا تقول أمريكا وبريطانيا في مسألة اتهام روسيا باستخدام الكيماوي في تسميم الجاسوس المزدوج في لندن؟! لماذا لم تقم بريطانيا وأمريكا بمعاقبة الروس بضرب مصانعهم لإنتاج هذه المادة السامة!؟ لماذا عالجت هذه الدول مسألة الكيماوي في لندن بالوسائل الدبلوماسية، وعالجت الموضوع نفسه في سوريا بالصواريخ الذكية!أمريكا وبريطانيا هما اللتان ساعدتا المرحوم صدام حسين في إنتاج الكيماوي، الذي يقال إنه قصف به المدن الإيرانية وقصف به بعض مدن بلاده، ولم يحاسب أي واحد عن هذه الغلطة، بمن فيهم السعودية التي موّلت آنذاك ما قام به صدام ضد إيران!لست أدري كيف يؤيد عرب الخليج في الجامعة العربية، أمريكا وبريطانيا في قصف سوريا الأسد لأنه استخدم الكيماوي، وكيف يؤيد عرب غير دول الخليج في الجامعة العربية الأسد في التصدي للعدوان الأمريكي مع الروس!؟المضحك في الأمر أن الروس يقولون إنهم طلبوا من الأمريكان تزويدهم بالمعلومات التي تخص استخدام الأسد للكيماوي، وأن الأمريكان رفضوا تزويد الروس بهذه المعلومات! هل يعقل أن يستخدم الأسد الكيماوي ضد شعبه دون علم الروس في سوريا وهم يعلمون كل شيء يجري في دمشق؟ هل يمكن أن يصدق عاقل أن الأسد يستخدم الكيماوي ضد شعبه والروس لا يعلمون وجنودهم في هذا البلد في عين الإعصار؟! هل الأمريكان رفضوا إعطاء المعلومات فعلا للروس بسبب عدم كشف جهاز استخباراتهم العامل في سوريا، أم أن الأمريكان على يقين من أن الروس كانوا بالفعل على علم باستخدام الكيماوي أو استخدموه هم أيضا ضد السكان، وبالتالي فالعقاب الدولي ينبغي أن يوجه للروس وليس للأسد!؟ ولكن توازن الرعب النووي يمنع ذلك، كما منع الرعب معالجة مسألة الجاسوس في بريطانيا بما عولجت به المسألة الكيماوية في سوريا؟! الذين ماتوا بالكيماوي سوريون، وما تحطم بالصواريخ الأمريكية الذكية أملاك سورية. لا يشك عاقل في أن التنسيق بين الأمريكان والروس في ضرب سوريا بأموال الخليج هو احتيال القوى العظمى على بلهاء العرب في الخليج وفي الحكومات العربية الأخرى، واللوم ليس على القوى العظمى، بل على هؤلاء العرب الذين يبحثون عن وحدة سوريا واستقلالها بعد أن دمروها بالرعونة الأسدية والمعارضة العميلة للخارج! بلد تحتله أربع دول كبرى ويتجه بخطى سريعة نحو التقسيم الطائفي، لا يضره استخدام الكيماوي أو الصواريخ الذكية! ولا تنقذه جامعة عربية لأمراء وحكام عرب متهالكين، اجتماعهم مهدد بصواريخ الحوثيين غير الذكية!

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات