+ -

اليوم أقدم لكم صورة مصغرة للطريقة البائسة التي تسيّر بها حكومات الجزائر القطاع المالي والمصرفي وتعاملاته مع الخارج بطريقة بائسة تنفّر من جلب الاستثمارات للجزائر.في سنة 1988 قررت الحكومة الجزائرية والحكومة الليبية إنشاء بنكين مشتركين، واحد في باريس اسمه ( (BIA وآخر في الجزائر اسمه “المصرف العربي للاستثمار والتجارة” ومقره مدينة الجزائر، وتقرر أن يكون رأس مال البنك الثاني 25 مليون دولار، توزع بالتساوي بين البنوك العمومية الجزائرية والبنك الليبي الخارجي 50% لكل جهة، ودفعت كل جهة 12.5 مليون دولار لتأسيس البنك، وتم نفس الأمر بالنسبة للمصرف الليبي الجزائري في باريس. كان الهدف من إنشاء المصرفين هو تأمين التجارة البينية للجزائر وليبيا دون المرور على البنوك الأجنبية التي عادة ما تعرقل هذه التجارة في المعاملات لمصلحة بلدانها.حقق البنكان أرباحا اقتصادية بدءا من 2.5 مليون دولار في سنة 1990 إلى 6 ملايين دولار سنة 2016، وقد تم توزيع هذه الأرباح على المساهمين بين الطرفيين، فيما تم ضخ جزء من هذه الأرباح في رأس مال البنك المغاربي للاستثمار والتجارة، بنسب متساوية للنسب الأصلية. وقامت الجهة الليبية بوضع ودائع ليبية في البنك المغاربي في الجزائر قدرت بـ300 مليون دولار لاستثمارها من طرف البنك في الجزائر.اتفق الجزائريون والليبيون سنة 1988 على أن يكون المدير العام للبنكين ليبي ويساعده جزائري، فيما يتولى مهمة رئيس مجلس الإدارة جزائري. وجرت الأمور على مايرام طوال 29 سنة والبنك يحقق الأرباح، لكن بنك باريس واجهته صعوبات فتقلصت أرباحه، ما جعل الطرف الليبي يرى ضرورة تغيير إدارة هذا البنك، فتم تغيير الجانب الليبي، ولكن الجانب الجزائري رفض تغيير ممثله في البنك، وهو نائب مدير استمر في هذا البنك 29 سنة كاملة، لأنه مسنود من دوائر نافذة في السلطة، ووصل الخلاف إلى حد تهديد الجزائريين بغلق البنك إذا أصر الجانب الليبي على تغيير نائب المدير هذا، وبالفعل أبلغت السلطات الجزائرية الجهة الليبية بغلق بنك باريس وغلق حتى البنك المغاربي في الجزائر، لأن نائب المدير النافذ قدم تقريرا لمدير البنك المركزي الجزائري النافذ هو الآخر، قال فيه إن بنك الجزائر المغاربي الليبي الجزائري يحوّل أرباحا يحققها في الجزائر دون بذل جهد! ولسنا ندري لماذا يغلق هؤلاء بنكا يحقق الأرباح؟! والبنك المذكور يشغل العشرات من الموظفين في الجزائر ويحقق الأرباح وتوزع مناصفة بين البلدين، فلماذا يغلق؟ هل من الواجب الإبقاء على النافذين في بنك باريس يأخذان مالا يقل عن 25 ألف أورو في الشهر كراتب نائب مدير لمدة 29 سنة، والبنك لا يحقق الأرباح، وإذا تم تغييره لتحسين التسيير يتم حتى غلق مؤسسة بنكية أخرى ناجحة في الجزائر عقابا لليبيين الذين تجرأوا على المساس بنافذ في البنك!بهذه الطريقة تسيّر البنوك الجزائرية وتسيّر الموارد المالية للدولة الجزائرية. الليبيون اقترحوا على الجزائريين تحويل البنك المغاربي للاستثمار والتجارة إلى بنك تجاري والتنازل للطرف الجزائري عن 2% من رأس مال البنك الرابح لتصبح الجزائر لها 51% وليبيا لها 49% وفقا للقانون الجزائري، وقد تم هذا الاتفاق بين الحكومتين في اجتماع عقد في ليبيا، ولكن الجزائر وبضغط من هؤلاء النافذين يريدون غلق البنك، لأن الجهة الليبية مست مصالح أحد الموظفين النافذين حين طالبت بتغييره لتحسين التسيير!هكذا تسيّر الأموال العامة في الجزائر وفق المصالح الخاصة للأشخاص! فهل بعد هذا يمكن أن يتحدث الناس عن الأسباب التي تجعل الأموال الأجنبية تفر من هذا البلد الذي عششت فيه الرداءة باسم التعسف في استخدام السلطة. آه.. لو كنت استطيع أن أنشر كل الحقائق المتصلة بالموضوع.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات