مهمة الجامعة: مراقبة العلم للسياسة؟!

+ -

رسالة الرئيس إلى الأسرة الجامعية بمناسبة يوم الطالب تنم عن فهم خاطئ تماما لدور الجامعة! مضمون الرسالة يدعو إلى إبعاد الجامعة عن السياسة والتفرغ للعلم... والحال أن الجامعات في العالم هي في قلب السياسة:1 - في الجزائر وغداة انقلاب 19 جوان 1965 على حكم بن بلة، فالطلاب في الجامعة هم الذين قاوموا سياسيا بمناهضة هذا الانقلاب... والجامعة الجزائرية آنذاك بقيت غير معترفة بما حصل في 19 جوان حتى 1970، حين أقدم بومدين على حل الاتحاد الوطني للطلبة الجزائريين المناهض للانقلاب، ونقل إلى عين مڤل أكثر من 40 طالبا بسبب نشاطهم السياسي في الجامعة، ونقلهم بعد ذلك بأشهر إلى أكاديمية شرشال لأداء الخدمة الوطنية، وفي نفس الوقت أبرم بومدين شبه اتفاق مع القوى السياسية التي كانت تحرك هؤلاء الطلاب في الجامعة، وهي القوى اليسارية التي كانت تطالب بإصلاح زراعي.. فقام بومدين بمشروع الثورة الزراعية ومشروع التسيير الاشتراكي للمؤسسات... وبذلك لعبت الجامعة الدور الرئيسي في السياسة.2 - نتذكر أيضا أن الطلاب في جامعات فرنسا... وخاصة جامعات باريس، هم الذين قاموا بإزاحة الجنرال ديغول عن الحكم حين نظموا مسيرات ومظاهرات في الجامعة، دفعت ديغول إلى تنظيم استفتاء على إصلاحاته، ولم يحصل الاستفتاء على النسبة المطلوبة، فاستقال من منصبه كرئيس جمهورية، وهو من هو في النظام التأسيسي في الجمهورية الفرنسية.3 - مشكلتنا في الجامعات الجزائرية ليست في ممارسة السياسة في الجامعة، كما تقول رسالة الرئيس.. بل المشكلة هي أن الجامعة الجزائرية لا تمارس لا السياسة ولا العلم، وهذان هما المهمتان الأساسيتان للجامعة.4 - كيف تشجب رسالة الرئيس إلى الأسرة الجامعية قضية استخدام الجامعة في السياسة، والحزب الذي يرأسه الرئيس نفسه، وهو الأفالان، نظم قبل أيام اجتماعا في الجامعة تحت عنوان “جيل بوتفليقة”؟!أليس محتوى الرسالة يتعارض مع ما قامت به الأفالان في الجامعة الجزائرية باسم الرئيس؟! ثم كيف تقول الرسالة إن الجامعة الجزائرية تخرّج كفاءات أثبتت جدارتها في الدول الأجنبية عندما هاجر هؤلاء إلى الخارج؟!ألا يحس كاتب الرسالة بأنه يشتم نظام الحكم كونه لم يوفر للشباب الجامعي الذي تكوّنه الجامعات الجزائرية أسباب البروز في أرض الوطن، وهي الظروف التي يجدها الشباب عندما يهاجر؟! من المسؤول عن التخلف في التكفل بالشباب الجامعي في أرض الوطن؟! أليست الدولة التي كتب هؤلاء الرسالة باسمها؟!ثم من ينتهك حرمة الجامعة بهراوات الشرطة.. أليست الحكومة؟! من أسال دم الأطباء المقيمين؟! هل السياسة أم الرعونة؟!ويجب أن يعترف الجميع بأنه من أسباب ما يحصل في الجزائر من كوارث سياسية وغير سياسية، أن الجامعة تخلت عن دورها في العلم والسياسة في إنتاج نخب واعية بإمكانها ممارسة الرقابة المعنوية على أداء الحكم لمهامه.

[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات