+ -

ذمّ الله سبحانه وتعالى التّطفيف في الميزان في القرآن الكريم وتوعّدهم بالويل، قال الله سبحانه وتعالى: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينْ * الّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُون * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُون} المطففين:1-3، وعيد شديد من ربّ العِزّة للّذين يبخسون (ينقصون) المكيال والميزان.

إنّ التأمّل في واقع كثير من النّاس ليجد أنّهم يمارسون صوراً من الغشّ في جميع شؤون حياتهم وأبرزه الكيل في الميزان، حتّى أنّ شهر الرّحمة لم يَسلَم منهم، فتجد كلّ مَن هبّ ودبّ أضحى يمارس التجارة دون علم بأحكامها الشّرعية، ويمارسون الغشّ من خلال إخفاء العيب في البضاعة أو التهاون في وزنها أو صفاتها أو مصدرها.وإنّ هذا الغشّ لا يظهر إلاّ في مجتمع أصابه اعتلال في الأخلاق وضمور في الإيمان، بالإضافة إلى أنّه فساد اقتصادي واجتماعي خطير يؤدّي إلى فساد العلاقات بين أفراد المجتمع. والتّطفيف دليل على شُحّ النّفس وتعلّق القلب بالكسب الخبيث، والأمّة الّتي ينشأ فيها الدّاء آيلة إلى الذلّ والهوان بالإضافة إلى أنّه يؤدّي إلى إفساد العلاقات بين أفراد المجتمع، ويكون المطفّف قدوة سيّئة لمن يتّبعه في هذا الأمر، وذلك بتحمّل الوزر والإثم على ما فعل، وفي الآخرة يتوعّد الله عزّ وجلّ المطففين بواد في جهنم.ونظرًا لخطورته، اهتمّ الإسلام أيّ اهتمام بقضية الكيل والميزان، وذكر لنا القرآن الكريم كثيرًا من المواقف والعواقب الّتي تنال من أهل الغشّ والخداع في الكيل والميزان في الحياة الدّنيا والآخرة.ولقد حذّر نبيّ الله شُعيب عليه السّلام قومه من بخس النّاس أشياءهم والتّطفيف في المكيال والميزان كما حكا الله تعالى ذلك عنه في القرآن. وكذلك حذّر نبيّنا الكريم صلّى الله عليه وسلّم من الغشّ وتوعّد فاعله، وذلك أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم مرّ على صُبرة طعام فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللاً، فقال: ”ما هذا يا صاحب الطعام؟” قال: أصابته السّماء يا رسول الله، قال: ”أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه النّاس؟ مَن غشّ فليس منّي”، وفي رواية: ”مَن غشّنا فليس منّا”، وفي رواية: ”ليس منّا مَن غشّنا” رواه مسلم.ويستهدف التّوجيه القرآني تربية الإنسان على عدم الإضرار بالآخرين واحترامهم والقضاء على أخلاقيات الغشّ والخديعة والظلم وهو ما أسماه الإفساد في الأرض. قال الله سبحانه وتعالى: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينْ * الّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُون * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُون * أَلاَ يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}. فربط التطفيف والنّهي عنه بأصل من أصول العقيدة وهو يوم الحساب، وقيام النّاس لربّ العالمين. وعن أبي المغيرة قال: سمعتُ ابن عبّاس رضي الله عنهما يقول في سوق المدينة: ”يا معشر الموالي، إنّكم قد بليتم بأمرين أهلك فيهما أمّتان من الأمم: المكيال والميزان”.ويقول عبد الله بن عبّاس رضي الله عنهما: ”ما ظهر الغلول في قوم إلاّ ألقى الله في قلوبهم الرّعب، ولا فشا الزّنا في قوم قطّ إلاّ كثر فيهم الموت، ولا نقص قوم المكيال والميزان إلاّ قطّع الله عنهم الرّزق”. فالتطفيف سبب لسخط الله تعالى وولوج النّار ويعاقب الله عليه في الدّنيا بالقحط والجدب وجور السلطان.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات