الدبلوماسية الجزائرية تقصف ذبابة بصاروخ

+ -

عزيزي سعد، رمضان كريم، أردت أن استرق منك بعضا من مساحتك اليومية في جريدة ”الخبر” المحترمة من أجل طرح تساؤل فقط، عله يجد آذانا صاغية، ونوقف الانحدار المذهل الذي يحصل في البلد، وآخرها السقطة الدبلوماسية غير المفهومة مع الاتحاد الأوروبي التي كلفت بناء العلاقات معه الكثير من الجهد والتعب، وكنت شاهدا على هذا. عزيزي سعد، لقد تابعت بكل دهشة حادثة استدعاء ممثل الاتحاد الأوروبي والذي ينوب عن 28 رئيس حكومة ورئيس دولة، بالإضافة إلى رؤساء المؤسسات الأوروبية ومسؤوليها أيضا، للاحتجاج على فيديو صور بمقر البرلمان الأوروبي وفيه رمز الاتحاد.الدهشة تكمن في رد الدبلوماسية الجزائرية التي لها تاريخ طويل وعريض من التقاليد العظيمة في التمرس والدفاع عن مصالح البلد، وكنت أساند شخصيا الكثير من قراراتها الصائبة، ولكن هذه المرة سقطت من سريري وأنا أقرأ خبر استدعاء ممثل الاتحاد الأوروبي ثم التعقيب عن رده عبر تويتر الذي زادني حيرة وسأشرح لقرائك لماذا.الصحفي المعتمد في المؤسسات الأوروبية وحلف الأطلسي لا يخضع لأي ضغط في عمله، وليس ملزما بالمدح لتلك المؤسسات لمجرد أنها أعطته الاعتماد، بل له كل الحرية بأن يقول ما يشاء، والجهة الوحيدة التي تحاسبه هي الوسيلة الإعلامية التي يعمل معها، وكم من مسؤولين في الاتحاد تم إسقاطهم من صحفيين، وحتى الأمين العام لحلف الأطلسي، ويلي كلاس، البلجيكي أسقطته الصحافة في قضية رشوة لصالح خزينة حزبه، ولم تكن لجيبه الخاص، كما يفعل الكثير عندنا، ولا يتم محاسبتهم، بل يتحولون إلى رجال سياسة. فأي عمل يقوم به الصحفي داخل المؤسسات الأوروبية أو حلف الأطلسي، يتحمل وحده المسؤولية كاملة وغير منقوصة الأركان، وفي حالة قضية الفيديو أيضا.فلماذا تحركت الخارجية الجزائرية في مسار خاطئ تماما وغير مهني، ويثبت لأي ملاحظ بأنها تجهل عمل وسير المؤسسات الأوروبية باستدعاء ممثل 28 رئيسا للاحتجاج على فيديو بعيدا عن مسؤولية هؤلاء، ومن دفع بها لارتكاب هكذا أخطاء، رغم أن تاريخها ناصع ومليء بالنجاحات، للقيام بعمل يقلل من سمعتها ومهنيتها.الزميل الفاضل، رموز الاتحاد الأوروبي ليست لها نفس الدلالة التي توجد عندنا، فهي في أغلب الأحيان إشهارية وموجودة حتى في شوارع المدن، ويمكن أن يستعملها الصحفي كيفما يشاء وحسب الأخلاقيات التي يتمتع بها، وشاهدت بنفسي الكثير من الصحفيين ومن بلدان مختلفة، وعددهم في بروكسل يفوق الآلاف، يستعملون الرموز الأوروبية ورموز حلف الأطلسي في الانتقادات، فالصحفي الروسي يقف أمام شعار الأطلسي ولا أعتقد أنه ليشكر قادته، ولكن ليكيل لهم الانتقادات، والأمين العام للحلف يتلقى في مكتبه كل ما يقال ويكتب عبر العالم ضد أو مع الحلف، وكذلك قادة الاتحاد الأوروبي ولا يملكون حق معاقبة الصحفي ولا حتى حق الاحتجاج عليه، بل فقط الرد على مقالاته في حالة استلزم الأمر ذلك. وأتذكر الرئيس الأفغاني الحالي في ندوته الصحفية مع السيدة فيديريكا موغريني عندما انزعج من سؤال لصحفي من القبيلة الأذارية وطلب طرده من القاعة ونفذ الأمن طلبه، فأوقفت موغريني الندوة الصحفية وطلبت إعادة الصحفي الأفغاني الذي هو ليس من قبيلة الباشتون بكرامته وأعطته كل الفرصة لطرح كل أسئلته، وأجبر الرئيس الأفغاني على الإجابة عليها، هكذا يا عزيزي سعد يعامل الصحفي حتى وإن كان لديه اعتماد ليوم واحد في الاتحاد الأوروبي، وهكذا يعامل الصحفي في بلدان تحترم حرية الصحافة، أما ما فعلته الخارجية الجزائرية فهو أمر لا يليق ببلد في حجم الجزائر، وهو يشبه قصفا صاروخيا لذبابة، فلم يصب الذبابة، والصاروخ أحدث ضررا لا مثيل له للجزائر وسمعتها.لخضر فراد/ صحفي معتمد/ بروكسل

 أولا: اتفق معك أن الخارجية الجزائرية بها إطارات ذات كفاءة عالية، ولا يمكن أن تقع في مثل هذا الخطأ الفادح دبلوماسيا من تلقاء نفسها. والقضية كانت شطحة من مسؤول في رئاسة الجمهورية لا يعرف شيئا في الدبلوماسية غير ”الشيتة” المبتذلة، ولم يكن الرئيس نفسه على علم بهذا التصرف.ثانيا: الغريب هو التمادي في ارتكاب الخطأ الذي أضر بالرئيس والجزائر باستعمال الدبلوماسية في غير محلها، فالفيديو لم يشاهده في البداية سوى بضعة آلاف فقط، ولكن بعد الإشهار له دبلوماسيا شاهده 5 ملايين شخص، فمن أساء للرئيس.. الفيديو أم المعالجة الدبلوماسية الخاطئة للموضوع.ثالثا: هل يعقل أن يعتذر الاتحاد الأوروبي عن الأمر للسفير الجزائري في بروكسل ولا ينشر الاتحاد اعتذاره ويقوم السفير مكانه بنشر الاعتذار! أليس هذا بمثابة الخطأ الفادح دبلوماسيا حين يتحول السفير الجزائري في بروكسل إلى ناطق رسمي باسم الاتحاد الأوروبي؟! إنه التمادي في الخطأ.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات