+ -

الأستاذ سعد بوعقبة، تحياتي الخالصة..حقيقة، دليلي احتار وحيّرني، كما تقول أغنية أم كلثوم. لقد قرأنا لك في عمود الجمعة 8 جوان، أن الصحفي الذي قرأ بيان أول نوفمبر من صوت العرب، هو محمد السعيد، ثم جاء تعقيب وزير الثقافة، السيد ميهوبي، ليصحح ويقول أن اسم الصحفي هو أحمد السعيد. وعندما شاهدنا برامج التلفزيونات المصرية، وقرأنا مقالات صحفها التي تحدثت عن الراحل الكبير، وجدنا أن اسمه ”أحمد سعيد”، فهناك في المسألة إذن ”ميتة واحدة لكن بثلاثة أسماء”.. فلماذا كل هذه اللخبطة؟ثم إن هناك منطقا غريبا لم أفهمه أبدا عند قراءتي للعمود الثاني. الوزير ميهوبي يقول إن الصحفي الراحل أوصى بنشر مذكراته مع نشر ترجمة لها باللغة الفرنسية، وهذا أمر طبيعي في اعتقادي، لأن الإخوة في المشرق لازالوا في غالبيتهم يعتقدون بأن الفرنسية هي المهيمنة في قراءاتنا وأحاديثنا، والأستاذ أحمد سعيد كان حريصا على أن تصل مذكراته إلى الجزائريين، وإلى الفرنسيين أيضا، فما الغرابة في ذلك؟ الغريب هو أن تأتي منك عبارة بصيغة التأكيد تقول ”إن الراحل يدرك أن القارئ في الجزائر لا يقرأ العربية”، وأنت تعلم أن صحيفة ”الخبر” التي تكتب فيها، تطبع وتوزع أضعاف ما توزعه الصحف الصادرة بالفرنسية مجتمعة في الجزائر.ثانيا، الأستاذ أحمد سعيد، كان ثوريا يؤمن بحرية الشعوب، وبحقها في تقرير مصيرها بنفسها، وكان صوته يصدح ضد الأنظمة الاستعمارية من إذاعة صوت العرب مهما كانت جنسيتها، فرنسية كانت أو إنجليزية، أو أمريكية، لكنه لم يكن أبدا ضد فرنسا كدولة وشعب وثقافة، لذلك لا أفهم ما السبب الذي يجعله يقرر محاربة فرنسا اليوم من قبره؟ ثم إن الجزائر نفسها استقلت منذ 56 سنة، والتاريخ حكم على النظام الاستعماري بصفة نهائية وبغير رجعة، وأول من هاجم النظام الاستعماري هم اليسار الفرنسي والحركة النقابية في باريس اللذان احتضنا أول حزب جزائري يدعو إلى الاستقلال (نجم شمال إفريقيا)، وأن مثقفين فرنسيين كبارا مثل الفلاسفة سارتر وجونسون والمؤرخ أندري جوليان ساندوا الثورة الجزائرية إلى غاية تحقيق النصر. والجزائر اليوم تتعامل بكل سيادة ندا للند مع فرنسا، والدولتان تجمعهما مصالح مشتركة، ولا تنس أن جالية جزائرية كبيرة تعيش وتعمل وتدرس في فرنسا اليوم، نصفهم يحمل الجنسية الفرنسية، ومنهم من صار وزيرا ونائبا في البرلمان الفرنسي...ثالثا: هل تعلم أن الجنرال جياب، الذي أهان الجيش الفرنسي في معركة مصيرية في ديان بيان فو سنة 1954، تلك المعركة التي بدأ معها العد التنازلي نحو النهاية للإمبراطورية الاستعمارية الفرنسية، كان قد درس في ثانوية فرنسية في هانوي، وصار مدرسا فيها للتاريخ واللغة الفرنسية؟ وهو قارئ كبير ومعجب بالأدب الفرنسي وبمفكريها الكبار؟ ولم يكن اعتراضه في اعتقادي على إعادة تصوير الفيلم الذي ذكرت إلا لحرصه على عدم إثارة مشكلة بين بلده وفرنسا، وبين فرنسا والجزائر، مادام قد طلب رأي بومدين في المسألة. وفي يوم ما في الثمانينيات، صرح جياب لصحفيين فرنسيين قائلا: أنا لم أعد جنرال حرب، أنا الآن جنرال سلام، وأتمنى أن أزور باريس كصديق لأتمتع بمشاهدة آثارها ومتاحفها وأجلس على مقاهيها الرائعة. وفي السياق قال لهم أيضا، هل تعرفون أن وفدا من قدماء العسكريين الأمريكيين الذين شاركوا في الحرب ضد فيتنام، زاروني في بيتي واستغربوا كيف استقبلتهم بحفاوة؟ لقد قلت لهم: بالأمس أتيتم إلينا مدججين بأسلحة فاستقبلناكم بنفس الصفة وهزمناكم، أما اليوم فأنتم تأتون إلينا كسياح وتطلبون صداقتنا، وتقاليد الشعب الفيتنامي لا ترد الضيف ولا ترفض الصداقة. فلماذا الحرب، وعلى من الحرب يا أستاذ سعد؟ إن العالم اليوم بحاجة إلى سلام وطمأنينة وتعاون بين الشعوب.جعفر حمدان

ملاحظة: الخطأ الأول، أنا الذي ارتكبته حين كتبت محمد السعيد، وقد صحح لي ذلك وزير الثقافة ميهوبي الخطأ، مشكورا، بأحمد سعيد. أما الخطأ الثاني فهو خطأ مطبعي واضح لمن يقرأ بدقة وهو خطأ صيام وليس خطأ نيام؟!بقية ملاحظاتك في محلها ولا أخالفك فيها. فقط أقول لك إنني ذكرت وقائع وقعت سنة 1978، حين كانت طائرات ”الجاغوار” الفرنسية متواجدة على حدودنا في السينغال، وكان جيسكار ديستان رئيس فرنسا يذكر المرحوم بومدين بأن الجزائر قوة نووية... وجياب وسعد الدين الشاذلي جاءا لمساعدة الجزائر آنذاك.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات