“قضيتي في صلب الصراع بين الرئاسة والدياراس”

38serv

+ -

اعتبر المتهم الرئيسي في محاكمة الطريق السيار، شاني مجدوب، أنه ذهب ضحية قضية سياسية في إطار ما قال إنها حرب بين مؤسسات الدولة، الرئاسة وجهاز الأمن والاستعلام. وأوضح، في معرض الدفاع عن نفسه، أنه “اعتقل لأنه كان محسوبا على عمار غول وجماعة الرئيس، بينما كان المتهم الآخر، محمد خلادي، في صف الدياراس”.بدأت فضيحة الطريق السيار في يومها الثاني تلقي بأسرارها، من خلال مواجهة المتهمين بما نسب إليهم من وقائع في قرار الإحالة المتضمن الاعترافات التي أدلوا بها خلال التحقيقات. المتهم الرئيسي، شاني مجدوب، نفى كليا ما نسب إليه من اتهامات، وأجاب عن أسئلة القاضي، الطيب هلالي، في ردود مطولة لم تكن تقطعها سوى الدموع التي كان يذرفها بغزارة، ردا على ما اعتبره “ممارسات غير لائقة وتعذيبا” تعرض لها أثناء فترة احتجازه.بوتفليقة حاضرفي الجلسة..حاول شاني، في بداية استجوابه، أن يبين للقاضي تاريخه في عالم المال والأعمال: “أنا المسلم العربي الوحيد الذي يعمل في قطاع المال بدولة لوكسمبورغ، إحدى أكبرى القوى المالية في أوروبا. ليس صحيحا أن الأجهزة الأمنية تعرفت علي في سنة 2009، فقد كنت أعرفهم منذ نهاية الثمانينات”.يسترسل شاني في استعراض تاريخه، فيقطعه القاضي: حدثنا عن قصتك مع الطريق السيار؟ يجيب: لدي مكتب استشارات “أ. دي. سي” في لوكسمبورغ، وأربط علاقات مع الجميع، أوروبيين وأسيويين وأفارقة. في ذلك الوقت أرسلتني “ستيك” العالمية إلى الغابون من أجل صفقة تمويل إنشاء ملاعب في هذا البلد. كنت على رأس بعثة صينية استقبلها الرئيس عمر بونغو رحمه الله”.يظهر الرئيس بوتفليقة فجأة في حديث شاني: “سأل بونغو جميع الحاضرين عن جنسياتهم، ولما وصل إلي أبلغته أني جزائري. قال لي إن لديه علاقات ممتازة مع الرئيس بوتفليقة لما علم أني جزائري، ومازحني بأنه سيجعلني ضيفا شرفيا على المنتخب الغابوني إن أتممت المهمة بإيجاد التمويل للملاعب الغانية التي كانت تستعد وقتها لاحتضان تظاهرة إفريقية، وإن فشلت فإنه سيخطر الرئيس بوتفليقة”.“الخليلة” تُبكي شاني !يرفض شاني الرد المباشر على سؤال القاضي، قبل أن يستعرض معه وقائع ما قال إنه تعذيب تعرض له. استسلم القاضي لإلحاحه وتركه يتكلم تحت ذهول الحضور: “جئت يوم 16 سبتمبر لأزور أمي في العيد، وتم توقيفي من طرف الدياراس في المطار. اختفيت حتى شهر أكتوبر. وكانت الضحية الأولى في ذلك هي أمي”. هنا يبدأ بالبكاء ويستمر قائلا: “أنا أحترم الدياراس في مكافحتها للإرهاب، لكن ما تعرضت له من قبل أشخاص كان يفوق الوصف، تعرضت للعذاب المعنوي أكثر من الجسدي”.يضيف قائلا: “كنت عاريا وجالسا على ركبتي مقابل الحائط، عندما سمعت صرخات تأتي من غرفة مجاورة، فعلمت أنه ابن أخي. قالوا لي هل تعلم من يصرخ، قلت إنه ابن أخي.. إذن قل لنا الحقيقة.. قلت لهم أنا أقول الحقيقة.. قالوا لا”. يتوقف شاني عن السرد ويتوجه للقاضي: “عندما يكون التعذيب بهذه الدرجة، سيدي الرئيس، يمكن أن تعترف بأي شيء.. أن تعترف على نفسك أن لك خليلة مثلا”.. تستقطع الدموع كلامه مرة أخرى ثم يواصل: “أنا متزوج منذ 35 سنة ولدي أبناء. هذا يضر بزوجتي كثيرا. القول إن لدي خليلة هو كذب دولة”.يقطعه القاضي سائلا: “لكن ما الذي يجعلهم يجبرونك على الاعتراف بأن لك خليلة؟”.. فيطلق شاني، في إجابة غير متوقعة أقحم فيها ما يشاع عن الصراع بين الرئاسة والمؤسسة الأمنية: “تعلم جيدا أنها قضية سياسية في إطار الصراع الذي يوجد بينهم الفوق.. أن ومعي غول محسوبون على الرئيس، والآخر (خلادي) مع الدياراس. دفعوا بي في هذه القضية في إطار حرب المؤسسات”.يبدو القاضي غير مقتنع بالإجابة، فيسأله عن الجدوى من إلصاق هذه التهم به. “إن الهدف من هذه القضية سياسي. المندبة كبيرة والميت فار. فعندما يسمع الناس بفضيحة الطريق السيار يظنون أن في القضية المليارات، لكن ذلك غير موجود. هم من وضعوا هذا الملف، وأملوا علي ما قلته، واتخذوا من ابن أخي رهينة عندهم”.“هذا الطريق السيار يجب أن يلقى في البحر” !يعيد القاضي السؤال الأول الذي طرحه على شاني مجدوب ويسأله: بأي صفة قدمت نفسك لبوشامة (الأمين العام لوزارة الأشغال العمومية)؟ يجيب: “قدمت نفسي كخبير مالي، لأن الجزائر طلبت من الصينيين ضمان المشروع عند بنك أوروبي كبير، وأنا كنت أقدم لهم الاستشارات في هذا الجانب. “ستيك” مؤسسة تمثل الدولة الصينية وكانت تريد إنجاح المشروع وإتمامه في الآجال، والصينيون معروفون بأنهم يستعينون بالخبراء من كل أنحاء العالم في هذا المجال”. لكنك كنت تقول للصينيين إنك الصندوق الأسود للدياراس. يسأله القاضي فيجيب: “هذه قالها خلادي (خصمه في القضية) وليس صحيحا ما ذكر”. القاضي: لماذا ذهبت إلى الصين عندما كان هناك بوشامة؟: أنا أذهب إلى الصين 3 إلى 4 مرات في الشهر ولم أذهب من أجله”.ثم يضيف: “ليس أنا من يجب أن تحاسبوه وإنما من وضع المشاكل والبيروقراطية أمام الصينيين. فقد وجدوا صعوبة حتى في شراء الڤودرون من نفطال. كانت شاحناتهم تذهب وتعود حتى فكروا في الاستيراد، وأنا نصحتهم بعدم فعل ذلك. كانوا يجدون صعوبة في الحصول على الفيزا”.يفاجئ القاضي الجميع: “أنت تتحدث عن تدخلك لتسهيل عمل الصينيين، لكن هذا الطريق السيار لابد أن يتم حفره من الشرق إلى الغرب ورميه في البحر” ! شاني: “لست مسؤولا عن الإنجاز، يجب أن تحاسبوا المسؤولين”. ينكر المتهم الرئيسي، في نهاية اليوم الأول من استجوابه، المبالغ التي حصل عليها من المجمع الصيني والمقدرة بـ30 مليون دولار، ويشير إلى أنه تلقى 1,5 مليون دولار فقط نظير خدمة ضمان المشروع عند بنك أوروبي.لم أتلق عمولات ولكني بعت منزلي لشاني !متهم آخر شد استجوابه الحضور في الجلسة. إنه وزان محمد، المدعو الكولونيل خالد، ضابط الدياراس في وزارة العدل، وهو المتهم بتسهيل عمل مجدوب شاني وترتيب لقاءات له مع إطارات سامية نظير الحصول على مبالغ مالية. قال إنه عرف مجدوب شاني عن طريق أصدقاء من باب الاستشارة “كوني أعمل بقطاع العدالة” حيث كان متابعا في قضية وأنا نصحت هؤلاء بتقدمه للعدالة.استفسر القاضي العقيد خالد عن سبب مرافقته مجدوب شاني إلى وزارة الأشغال العمومية للقاء الأمين العام بوشامة، فأجابه بأنه ذهب بحكم الصداقة التي تجمعه بالرجلين، ولم يكن أبدا ليتدخل في عملهما. لكن القاضي واجهه بمبالغ مالية استفاد منها من حسابات مجدوب شاني، تصل إلى 5 مليارات، فلم ينكر الكولونيل خالد أنه حصل على هذه المبالغ، لكنه قال إن ذلك تم في إطار صفقة بيع منزل لمجدوب شاني، بعد أن تطورت العلاقة بينهما لتصير عائلية. إجابات لم ترق النائب العام الذي تدخل لطرح أسئلته على المتهم، في انتظار أن تستكمل باقي الشهادات اليوم.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات