الجـــزائر فـــردوس الشركــات الصينيــــة

+ -

في الوقت الذي عرفت المبادلات التجارية بين الجزائر والصين ارتفاعا قياسيا خلال السنوات الثلاث الماضية، إلى درجة تحويل الصين إلى أهم ممون للجزائر، لتقوم بكين بزحزحة مكانة فرنسا التقليدية لعدة سنوات، اتسمت التعاملاتعلى محور بكين الجزائر بالكثير من الاختلال وعدم التوازن في أطراف التبادل، إذ يعتبر العجز التجاري بين الجزائر وبكين الأهم في مجموع المبادلات، لغير صالح الجزائر، وهو ما يدفع الطرف الجزائري إلى محاولة النظر في إمكانية تقليصه.يتضح أن زيارة الوفد الجزائري الذي يقوده الوزير الأول عبد المالك سلال، اليوم، إلى الصين، رفقة ممثلي الشركات والمتعاملين الاقتصاديين وأرباب العمل، ترمي أساسا إلى دعوة الشريك الصيني الذي يبقى من بين أهم المستفيدين من الصفقات العمومية ومشاريع البنى التحتية، إلى ضرورة إحداث توازن في الشراكة، لاسيما أن الجزائر تعتبر من بين أهم الأسواق للمنتجات الصينية في إفريقيا ومن أكبر الأسواق أيضا وتمثل حاليا فردوسا للشركات الصينية التي استفادت من محافظ معتبرة، فاقت 30 مليار دولار، أغلبها صفقات عمومية في مجال الإنشاءات والبنى التحتية.كما تستفيد الصين من تحويل جزء معتبر من العمالة يقدر بحوالي 40 ألف ينشطون في الورشات الجزائرية، فيما تسعى بكين إلى ضمان تموقعها في سوق أضحت تنافس فيه أبرز الشركاء الاقتصاديين، فقد أشارت إحصاءات مصالح الجمارك الجزائرية إلى بلوغ قيمة الصادرات الصينية إلى الجزائر العام 2014 ما قيمته 8.197 مليار دولار مقابل واردات صينية لا تتعدى 1.817 مليار دولار، وهو ما يعني تسجيل عجز في ميزان التعاملات التجارية لغير صالح الجزائر، يقدر بـ6.380 مليار دولار وهو من أعلى مستويات العجز الذي تسجله الجزائر في تعاملاتها الخارجية، بل إن الملاحظ أن الصادرات الجزائرية التي تتمثل خاصة في المحروقات عانت من تراجع الأسعار، ما انعكس سلبا على قيمتها، حيث قدرت الصادرات الجزائرية إلى الصين بـ2.179 مليار دولار في 2013، لتتراجع إلى 1.817 مليار دولار في 2014، بينما ارتفعت الواردات الجزائرية من الصين من 6.820 مليار دولار في 2013 إلى 8.197 مليار دولار في 2014. وتمثل الصادرات الجزائرية إلى الصين 2.89 في المائة، علما أنها تقتصر على النفط والغاز والفلين ومشتقات البترول، بينما تمثل الواردات الجزائرية من الصين 14.05 في المائة من مجموع ما تستورده الجزائر.ويتضح أنه منذ 2004 تاريخ لقاء القمة بين رئيسي البلدين والتوقيع على اتفاق للشراكة الاستراتيجية، برزت ديناميكية استفادت منها الشركات الصينية بامتياز، لاسيما في مجال الصفقات العمومية، فمثلا فاقت محافظ شركة عمومية صينية مثل ”سي أس سي أو سي” حوالي 15 ألف وحدة سكنية و10 أحياء جامعية ومستشفيات وفنادق منها ”ماريوت” تلمسان و”شيراطون”، وملاعب منها إعادة تهيئة ملعب 5 جويلية بالعاصمة ومقر وزارة الخارجية، فضلا عن مركز المؤتمرات بنادي الصنوبر خلال العشرية الماضية، علما أن هناك حوالي 12 شركة صينية تعمل في مجال البناء من مجموع 50 شركة صينية عاملة في الجزائر، بينما يقدر عدد العمال الصينيين بحوالي 40 ألف.كما عمد البلدان إلى تكثيف الزيارات في إطار التعاون الصحي بعد تجديد الاتفاق الثنائي الساري المفعول منذ 1963، حيث تم إيفاد عدة فرق طبية وتوفير منح سنوية للطلبة الجزائريين، ومنح هبة تتمثل في ”أوبرا” تسلم في نوفمبر المقبل وتشغيل مصفاة أدرار من قبل الشركة الصينية ‘’سي أن بي سي’’. بالمقابل، يقدر عدد التأشيرات التي تمنح باتجاه الصين بحوالي 16 ألف إلى 18 ألف تأشيرة.وبعد أن أزاحت بكين فرنسا كأول ممون، تسعى الصين إلى ضمان الإبقاء على تفوقها، من خلال الانتقال إلى مرحلة جديدة تتمثل في تحويل نشاط بعض الشركات إلى الدول المعنية بالشراكة منها الجزائر، وهو ما تبحث عنه هذه الأخيرة خلال زيارة سلال التي ستتضمن مطالب بحضور أكبر للشركات الصينية في المجالات الصناعية.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات