بن خالفة يدخل من الزاوية وبلعيز يُقال في البرلمان

+ -

 يبقى الرئيس بوتفليقة أكثر رؤساء الجزائر غرابة في طريقة تعيينه للوزراء وعزلهم، إذ إن الكثير من التعيينات والإقالات كانت تستند إلى أسباب لا علاقة لها بتسيير شؤون الدولة.نبدأ الرحلة مع وزير المالية الجديد عبد الرحمن بن خالفة، حيث يقول مقربون منه إنه لم يكن يتوقع الإعلان عن اسمه ضمن قائمة “المحظوظين” في طاقم عبد المالك سلال؛فالرجل الذي كان في سنوات التسعينيات ناطقا باسم أهم جمعية للبنوك والمؤسسات المالية، قبل أن يغادرها للتقاعد، سرعان ما وجد ما يملأ به الفراغ القاتل، فقد صار نجم بلاتوهات القنوات التلفزيونية وأعمدة الجرائد التي تستفسره عن تناقضات العمل الحكومي في ما يتعلق بالبنوك والمالية.آخر هذه الخرجات نزوله ضيفا، مرتين متتاليتين، حول الفساد والسوق الموازي للعملة الصعبة، وكان حريصا للغاية على المشاركة فيهما. لكن أصدقاءه يروون قصة طريفة لحظوة صاحبنا بهذا المنصب؛  فقبل أيام شوهد بن خالفة في أدرار مشاركا في ملتقى اقتصادي، وعلى هامشه قصد إحدى الزوايا لأداء صلاة المغرب، قبل الذهاب رفقة المشاركين في الملتقى لأداء زيارة مجاملة للوالي، وبـ«الزاوية الأدرارية” نال بن خالفة بركة شيوخها! وما يزيد من طرافة الحادثة أن خبيرنا المالي لم يصدق أن “اسمه مكتوب” في حكومة سلال، مجيبا على استفسار صحفية “الخبر” قبيل الإعلان الرسمي عنها إنها “مجرد شائعات”!يقول مسؤول حكومي: “في العادة يجري استدعاء الوزراء الجدد وتبليغهم بالأمر قبيل الإعلان الرسمي عبر بيان رئاسة الجمهورية ووكالة الأنباء الجزائرية.. قد نلجأ للاتصالات الهاتفية إذا كان المعني غير موجود في الجزائر، أما بالنسبة للمغادرين فإن العادة جرت أن نقوم بتبليغهم”. ومن هنا نفهم لماذا يداري الوزراء الجدد خبر تعيينهم، ويطرقون جميع الأبواب الممكنة لمعرفة أسماء المغادرين وإن كانوا من بينهم في فترات الحديث عن التعديلات الحكومية. وأحيانا يلجأ محيط الرئيس لإشاعة “الشائعات” بذلك لبث نوع “من الخوف وسط الوزراء لحاجة في نفس يعقوب”، على حد قول المسؤول ذاته.هذا السيناريو حدث مع الوزير خليل ماحي، وزير العلاقات مع البرلمان السابق، حيث يروي نواب بالمجلس الشعبي الوطني أنهم شاهدوه يفرك أصابع يديه من شدة القلق، بعد أن تناهى إلى مسامعه نبأ وجود اسمه في قائمة الراحلين، من نواب “الأفالان” بعد أن بُلّغوا بتوزير زميلهم ورئيس كتلتهم الطاهر خاوة، الذي انتظر هذا المنصب طويلا.وليس حال وزيرة السياحة نورية يمينة زرهوني، التي كانت تستعد لتدشين الصالون الدولي للسياحة أحسن.. فأمام الإحراج الذي أصابهم جراء الأخبار الواردة إليهم تردد مرافقو الوزيرة من بروتوكول وحراسة شخصية في إعلامها بتخلي رئيس الجمهورية عن خدماتها. ويروي شهود أنها لم تتمالك نفسها وانزوت في ركن بالقاعة الشرفية بقصر المعارضة تستفسر باتصالات مع “المعنيين بالأمر”. وقبل ذلك، وعشية افتتاح صالون السياحة لم تفوت الوزيرة السابقة مناسبة نزولها ضيفة على بلاتو التلفزيون العمومي للحديث عن معوقات النهوض بالسياحة وضرورة إعادة النظر في سياسة الدولة في هذا المجال.والطريقة نفسها عومل بها وزير الداخلية السابق الطيب بلعيز، الذي كان يجيب على سؤال شفوي بالمجلس الشعبي الوطني، ليكتشف أنه صار مستشارا لدى رئيس الجمهورية، وهو يمارس هواية الرد على أسئلة الصحفيين!ومن غرائب ما يحكى أن يتم تعيين عز الدين ميهوبي وزيرا للثقافة وهو في مهمة خارج الوطن، إذ بينما هو جالس يتبادل أطراف الحديث مع صحفيين وإعلاميين جزائريين، على هامش فعاليات منتدى دبي للإعلام العربي بالإمارات العربية المتحدة، يصله الخبر “السعيد”، والذي طالما انتظره بعد تجربة قصيرة في وزارة الاتصال بصفة كاتب دولة منتدب لدى الوزير الأول مكلف بالاتصال في سنة 2008.وإذا كان محمد الصغير قارة، وزير السياحة الأسبق، قد تمت تنحيته وهو يعِد بإعادة سباق الرالي للجزائر في إحدى ولايات الجنوب، فإن زهية بن عروس تلقت مكالمة هاتفية بتعيينها وزيرة منتدبة للثقافة، وهي تنتظر سيارة “طاكسي” تقلّها من ساحة أول ماي، حيث كانت تتسوق في “البازار”.ومن أطرف القصص، ما حدث لوزير للإعلام والثقافة السابق محي الدين عميمور، الذي دخل الوزارة من باب عيادة لطب الأسنان في العاصمة، بعد أن تلقى مكالمة هاتفية من بوتفليقة شخصيا يسأله عن حاله وإن كان معه أو ضده، ليفاجأ بسماع خبر تعيينه في نشرة الثامنة يوم 26 أوت 2000. لم يمكث وزيرنا في منصبه إلا بضعة أشهر، ليغادر المنصب إلى مقعده نحو مجلس الأمة، لكن هذه المرة وهو بأستديو أخبار نشرة الثامنة التي اعتاد حضورها لتأمين البث الحسن لتغطية أنشطة رئيس الجمهورية.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات