رسالة من “المرادية” تحسم صراع الأفالان

+ -

 تدل المؤشرات في القاعة البيضاوية بمركب محمد بوضياف الأولمبي على أن اللعبة محسومة لرجل اسمه عمار سعداني.. ودائرته الضيقة المكونة من رجلي أعمال والصادق بوڤطاية والطاهر خاوة. وإذا كان الأثر يدل على المسير، فإن الابتسامة التي لم تفارق شفاه هذا الثلاثي، كانت هي العلامة الدالة على أن “الدومينو مغلق”، وما على الجميع إلا الاستسلام لإرادة ساكن المرادية، رئيس الجمهورية وفريقه المكون من كتلة رجال الأعمال وشقيقه الأصغر والوزير الأول ووزرائه.ولأول مرة، يصرح عبد المالك سلال أنه “ابن الأفالان”! نطق بذلك وكأنه كان ينتظر هذا السؤال، بل فصل إجابته موضحا لسائليه من الصحفيين الذين استفسروه عن سر حضور المؤتمر أنه “مناضل منذ سنة 1968”. حضور سلال قرأه قياديون في الحزب على أنه “تجديد ولاء لرئيس الجمهورية ولحزبه”، خاصة بعد الفتور الذي ضرب علاقته بعمار سعداني قبل أشهر، ما دفع هذا الأخير إلى “تهديده بالإقالة واستبداله بآخر” بتكرير تصريحاته بشأن التعديل الحكومي.كان سلال جالسا في الصف الأول.. وعن يمينه عبد السلام بوشوارب القيادي في الأرندي ووزير الصناعة، وعن يساره جلس وزير العدل الطيب لوح، وميلود شرفي رئيس سلطة ضبط السمعي البصري، ومحمد الصغير باباس رئيس المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي، ووزراء كل من الصحة والسياحة والصناعات التقليدية، والبريد وتكنولوجيا الاتصال، والعمل والضمان الاجتماعي، والتجارة، وسفراء عدد من الدول، فضلا عن 18 شخصية أجنبية حضروا بصفتهم ضيوف شرف، ومنهم الأمين العام لمنظمة الأممية الاشتراكية ووزير الخارجية الفلسطيني.وما لفت النظر هو غياب الأسماء الكبيرة للمعارضة، رغم أن عضوا سابقا في المكتب السياسي المنصرف أكد لـ«الخبر” أن دعوات للحضور أرسلت لهؤلاء دون تمييز أو إقصاء. وردا على سؤال حول غياب قيادات بارزة في الأرندي، وما إن كانت للأمر علاقة باستقالة بن صالح وما يمكن من عودة أويحيى إلى أمانته العامة، قال محدثنا:«لا علاقة لذلك بما ذكرت. ما يجري في الأرندي لا يعنينا لا من قريب ولا من بعيد”.وإن كان التنظيم سيئا كالعادة، فقد غادر المشاركون القاعة باتجاه المطعم.. وبفضل طلاقة لسانه وسرعة قراءة كلمته، تجنب سعداني إتمام إلقاء خطابه في قاعة فارغة إلا من الضيوف الرسميين والاجانب! وانتهى المؤتمر بمجرد تلاوة رسالة بوتفليقة للمؤتمرين، والتي ضمنها “تزكية للقيادة التي سوف تنبثق عنه”، خاصة أنه سيكون اعتبارا من هذا المؤتمر العاشر الرئيس الفعلي للأفالان، مثلما جاء في تزكية لجنة القانون الأساسي والترشيحات التي يرأسها وزير العلاقات مع البرلمان الطاهر خاوة.. ومثلما جهر بذلك سعداني الذي “يحتفظ بتزكية الفريق الرئاسي في جيبه”.. قبل عشر سنوات، اقترح سعداني الاقتراح نفسه في المؤتمر الذي جاء بعبد العزيز بلخادم أمينا عاما خلفا لعلي بن فليس، الخاسر في انتخابات 2004.. وقتها رفض بوتفليقة هذه الصفة، مبررا ذلك بتعارض تزعم الحزب بصفته رئيسا لجميع الجزائريين.. فهل سيرفض هذه المرة أيضا؟وإن كان سعداني صنع الحدث بـ«انتصاره المؤقت” على خصومه من القياديين القدامى، الذي فضلوا الرحيل بعد معركة قضائية خاسرة مسبقا، لتفادي الخروج من الباب الضيق، مثلما يحكى هنا، فإن ما يميز هذا المؤتمر أنه تعرّض “للتخييط” على أعلى مستوى وبطريقة “احترافية لم تترك أي أثر للخياطة”، حيث تُرك الانطباع بأن عدم وجود وجوه مثل بلخادم أو بلعياط أو ڤوجيل لن يكون له أي تأثير على مجريات الأمور. وقد علق قيادي برلماني على هذه الصورة بالقول: “في الأفالان توجد قائمة انتظار طويلة للمئات من الإطارات والمناضلين.. ليس لدينا ندرة.. إذا خرج واحد دخل مائة”.في الجلسة الصباحية صادق المؤتمرون، المقدر عددهم بـ6 آلاف شخص، على أسماء أعضاء لجنة إثبات عضوية المشاركين الذين سيترشحون لعضوية اللجنة المركزية، التي تسيل مقاعدها لعاب الكل هنا. ما يشيع من كلام أن سعداني يريد أن يكون التمثيل بعضو عن كل ولاية وامرأة عن كل ولاية، يضاف إليهم شخصيات القائمة الوطنية التي يملك الحق في تعيينها الأمين العام.وحسب قيادي بالحزب، فإن تعديلات أدخلت على القانون الأساسي، وتخص رفع الالتباس عن بعض المواد التي تبقى في عين الكثيرين غامضة وصعبة التنفيذ. كما سيستبق الأفالانيون، بمناسبة المؤتمر، لتحيين وثائق الحزب باقتراح إدراج مادة تعترف باللغة الأمازيغية ضمن مكونات الهوية الوطنية إلى جانب العروبة والإسلام، دون انتظار تعديل الدستور.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: